/ مرسال الترس /
في حين أنه بات من شبه المؤكد انعقاد “اللقاء الرباعي” في باريس، والمرجح أن يحصل منتصف الشهر المقبل، فإن هذا الاجتماع الدولي – الإقليمي الذي نسج خيوطه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد استعراضات في قطر والأردن، لم يتضح مستوى التمثيل فيه لكل من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وقطر.
هل سيحمل هذا اللقاء النتائج المرجوة منه، أم أنه سيضاف إلى المؤتمرات الباريسية التي حملت ارقاماً متسلسلة حول لبنان، والتي طواها النسيان؟
صحيح أن الرئيس ماكرون قد أصابته الخيبة، وربما الشغور بـ”الغثيان” من اندفاعه لإيجاد مخارج حلول للأزمات في لبنان في أكثر من مناسبة، خصوصاً قبل سنتين ونيّف بعد الانفجار المدمر لمرفأ بيروت، ولكن الارتباط الفرنسي في لبنان تاريخي وله تداعيات مختلفة، وامتدادات نفطية وغازية “يشط” لها ريق العديد من المراجع الإقليمية والدولية.
مرجع أكاديمي قريب جداً من الصرح البطريركي الماروني أبلغ موقع “الجريدة” أنه لا يتوقع أن تظهر مفاعيل هذا اللقاء الرباعي قبل النصف الثاني من شهر شباط المقبل أو حتى النصف الأول من شهر آذار، على خلفية أن هذا اللقاء ليس مخصصاً للأزمات في لبنان، ولاسيما منها الرئاسية فقط لا غير. وإنما همومه الاساسية مرتبطة بما يجري في حرب اوكرانياً التي تزداد تأزماً، وتالياً ما هو مرتقب أن يحصل في جمهورية مولدوفا، الجبهة الثانية المرتقبة على روسيا والتي توجد فيها جالية روسية ذات وزن، مع ما قد يجر ذلك من صراعات وحروب مرتفعة الوتيرة قد تفضي، في “ساعة تخل”، إلى حرب عالمية ثالثة لم يسقطها من حساباتهم العديد من المراقبين العسكريين.
بالتالي، فإن الثروة النفطية والغازية اللبنانية، هي في رأس اهتمامات ذاك الاجتماع الباريسي. وليست المنصة الرئاسية في لبنان إلاّ عنصراً مكملاً للرؤية الدولية، على خلفية أنها ترغب في رئيس يكون مستعداً لملاقاتها في توجهاتها.
هذا في المشهد الخارجي، أما في الداخل فبات واضحاً أن عدداً من السياسيين الذين يملكون قوة تجيير نيابية، يسارعون إلى اللعب في الوقت الضائع، وإلى محاولة تجميل صورتهم التي اهتزت محلياً، لعلهم يستغلون بعض أوراق الخارج لتجميل الملامح، متجاهلين أن القوى الدولية تعرف جيداً قدرة بعض القوى المحلية، وفي طليعتها “حزب الله”، على التأثير في مسار الأمور. ولعل ما حصل على صعيد الترسيم البحري أكبر مثال على خوض غمار التحديات.
وعليه، فإن بعض القوى الدولية الحريصة على الصورة اللبنانية، والمسيحية منها على وجه الخصوص، وفي طليعتها حاضرة الفاتيكان، تشجع على تداخل خارجي ـ داخلي لسبر أغوار الأزمات في لبنان، من دون الذهاب إلى أي نوع من القوة، وإنما ملامسة هذا “البناء الهش” بقدر مرتفع من الدقة، حتى يخرج الجميع راضون عبر رئيس توافقي يستطيع صهر التناقضات لجعلها إيجابية.
هذا تحديداً ما يسعى إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي يبذل جهداً لجمع الكل في حوار يستطيع سحب الفتيل من أيدي أية قوة خارجية هوجاء لن تحصد الاّ السراب، حتى ولو استطاعت تهشيم الواجهة اللبنانية في حربها الاقتصادية والمالية.