| خلود شحادة |
معالم جديدة للمواجهة مع العدو الاسرائيلي، ترسمها المقاومة، لترسّخ مفاهيم ربما لم يقدر على استيعابها العدو حتى الساعة، إلا أنها باتت واضحة وجليّة لكل العالم.. لا ترفعوا سقوف التهديد.. سنواجه!
“هدهد” استطاع اقلاق “أقوى” كيان عسكري في العالم، وتمكّن من خرق “أحدث” جهاز استشعار دولي. وربما، من يدري، يكون الهدهد هذا عنوان مرحلة جديدة في الشرق الأوسط، ليس بالمحتوى الذي استطاع تصويره، وانّما بتثبيت قواعد جديدة للاشتباك تؤكد أن العدو اللدود لـ”اسرائيل” اليوم لم يعد قوياً بضعفه، بل أصبح نداً لها في القوة العسكرية والاستراتيجية، بل يتفوّق عليها بعقيدة الجهاد والمواجهة.
عاد “الهدهد” حاملاً معلومات ومشاهد عن أهم المواقع، ليست فقط العسكرية في حيفا فحسب، بل منطقة المجمع العسكرية الصناعي التابع لشركة رفائيل، وهي منطقة شديدة الحساسية، ويُمنع على الشركات والمواقع المتخصصة تصوير المنطقة جوياً ونشر أي صور محدثة.
كما امتلك “الهدهد” مشاهد ومعلومات عن أهداف مدنية (منطقة الكريوت) واستراتيجية (ميناء حيفا والمنشآت الموجودة فيه).
وهذه الأنواع الثلاثة من الأهداف من شأنها أن تثبت المعادلة القائلة: العسكري بالعسكري، المدني بالمدني والإستراتيجي بالإستراتيجي.
أكد “حزب الله” امتلاكه للصواريخ الدقيقة، بالإضافة إلى الأهداف الاستراتيجية بميناء حيفا والتي يتعاطى معها الحزب بمتسوى عالٍ من الأهمية.
والأبعد من قراءة مقطع الفيديو، هو البحث في توقيته وأبعاده السياسية على خط سواء مع كل الأبعاد الاستراتيجية والعسكرية التي ذُكرت.
تزامن تصريح “حزب الله” عن ما حمل “الهدهد” من غنيمة مع زيارة الموفد الأميركي للشرق الأوسط آموس هوكشتاين، الذي حط في بيروت، ناقلاً رسالة من “تل أبيب”، يريد من خلالها دب الذعر في أنفس اللبنانيين، ظناً منه أن هذا سيثني المقاومة عن تصعيدها، بمواجهة التصعيد الصهيوني.
تصريح هوكشتاين الذي أدلى به من “تل أبيب” ردت عليه المقاومة بطريقتها، حيث أعرب عن قلقه من تغيّر قواعد الاشتباك بين لبنان و”اسرائيل”.
هذا في العلن، أما في الخفاء فقد راهن هوكشتاين، في الاجتماعات السرية والخاصة، على أن المقاومة كشفت كل قواها، وبالتالي في هذه الحالة لن تتمكن من الصمود طويلاً، مما يمكّن “اسرائيل” من فرض شروطها على ورقة الهدنة..
لم تدم أحلام اليقظة للموفد الأميركي طويلاً، حتى اسيتقظ على واقع مرير، يتلخّص بمقطع فيديو منعت “اسرائيل” التداول به، وأدرجته ضمن قائمة المحظورات في مستوطناتها.
“تكتكة” المقاومة في اللعب على أعصاب العدو، حتى في اختيار اسم المسيّرة التي قامت بعملية الاستطلاع والكشف “والتعرية” لحيفا، حيث أطلقت عليها اسم “الهدهد”، والذي كان يستعين به النبي سليمان، ليستطلع ويشاهد أخبار وأحوال أراضي أعدائه وأحوال جنوده في المعارك، بالإضافة إلى حمل الهدهد لكل الأخبار التي كان يسعى النبي لمعرفتها، وخبره كان سبب بانضمام ملكة “سبأ” بلقيس لدين النبي سليمان.
كل هذه المفاهيم والأهداف والرسائل ظهرت في الحلقة الأولى من سلسلة “الهدهد”، والتي عرّت حيفا ومنشآتها وهذا ما يفتح الباب أمام سؤال، هل الحلقات المقبلة ستكشف ما بعد بعد بعد حيفا تصديقاً لما قاله الأمين العام السيد حسن نصر الله؟ وأيّ جنون سيُصاب به رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الخاسر – في الأحوال كلها- وهو عاجز عن ردع عمليات الحزب الاستطلاعية؟
في كل الأحوال.. رسالة مؤكدة من الحزب للعدو الإسرائيلي، ما رأيتموه منذ السابع من تشرين الأول ليس سوى البداية.. وما خُفي كان أعظم!