/سارة طُهماز/
لم يستفق الشعب اللبناني من صدمة فقدان الخبز وعودة الطوابير البشرية أمام الأفران، المترافق مع الحديث عن ارتفاع سعر الربطة الى 30 ألف ليرة، حتى أتته صدمة جديدة بعد أن أبلغ مصرف لبنان الوزارة بأنّه سيتم احتساب سعر البنزين وفق التالي: 15% بالدولار الفريش و 85% بالليرة اللبنانية على أساس سعر دولار منصة صيرفة.
وفقاً لهذا التصريح.. هل فعلاً تم رفع الدعم كلياً عن البنزين أم جرى تعديل النسبة فقط؟ وفي الأساس ما هو سبب ارتفاع سعر صفيحة البنزين من دون غيرها من المشتقات النفطية الأخرى؟ علماً أن سعر برميل النفط العالمي لم يرتفع، بل على العكس يسجل انخفاضاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، كما أن سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية حافظ على سقفه مع بعض الارتفاع الطفيف!
ما تداعيات هذا القرار الجديد لمصرف لبنان على أسواق الصرف والاستهلاك، وبالتالي على القيمة الشرائية للرواتب والأجور التي تبخرت بفعل التضخم التدريجي، والمهددة أصلاً بالتوقف بسبب النزاع بين الدولة وموظفي القطاع العام، بالإضافة إلى الانعكاسات على الاقتصاد ككل؟
كثُر الكلام في الآونة الأخيرة حول تداعيات اتخاذ قرار “دولرة” البنزين ورفع الدعم عن هذه المادة الأساسية، ما أثار جدلًا واسعًا بين مؤيّدٍ ومعارضٍ لهكذا خطوة، فيما الثابت، بحسب إجماع الاقتصاديين، أنّ تداعياتها ستكون خطيرة على الاقتصاد الوطني، وستؤدي إلى تعميق الأزمة الاقتصادية أكثر فأكثر، فأين حكومة تصريف الأعمال وخلية الأزمة من هذه الأزمة؟ وما هي الخطط التي وضعتها؟ وإذا كان هناك من خطط لماذا لا تُطبّق؟ فوزير الاقتصاد مشغولٌ بالتصريحات المنددة بالوضع ولوم المعنيين، فيما وزير الطاقة والمياه لا يملك أي حلول، فمن المعني هنا إذاً؟!
أسئلة عدة تدور في رأس المواطن اللبناني الذي يعيش “كل يوم بيومه” خشية أن “يفكر ببكرا”، لعلّه سيفقد رغيف الخبز أو يركن سيارته لارتفاع كلفة البنزين وبقاء دخله على حاله وفقاً للقرار الجديد لمصرف لبنان.
يوضح عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس في حديث لموقع “الجريدة”، أن ارتفاع سعر البنزين من دون غيره سببه التعديل باَلية التسعير المتعلقة بسعر الدولار في جدول البنزين فقط، فالمازوت والغاز يحتسب سعر دولار السوق الموازية %100منذ فترة. فيما البنزين وحده كان يعتمد على صيرفة، واليوم أصبح %85 صيرفة و%15 السوق الموازية، والجدول الجديد اعتمد سعر صيرفة 25.600 ليرة، والسوق الموازية 29.525 ليرة. وقد جرى تعديل نسبة صيرفة فقط من 100 الى 85. وهذا يعتبر بداية الطريق إلى رفع الدعم نهائياً عن البنزين والتوجه تدريجياً الى التوقف عن تأمين دولار صيرفة لاستيراد البنزين، وعلى قطاع المحروقات تأمين الدولار لكامل قيمة الفاتورة من الأسواق الموازية.
أما عن التداعيات على الاستهلاك وعلى القدرة الشرائية لدى المواطن، فقال البراكس: “مزيد من ارتفاع في الأسعار، وهذا يشكل تقريباً بين 75 و 90 ألف ليرة لكل صفيحة بنزين في حال ثبات أسعار النفط عالمياً وسعر الدولار في لبنان”.
يُنذر القرار الجديد برفع أسعار البنزين في لبنان بتداعيات خطيرة وكارثية على كل الأصعدة، في ظل الانهيار المتواصل في نواحي الحياة كافة، لا سيما ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية وكلفة النقل، فضلا عن أن تجار المحروقات سيتوجهون الى السوق السوداء للحصول على 15 % من الدولار الفريش بعدما كان مصرف لبنان يؤمن لهم كامل قيمة مستوردات المحروقات بالدولار على سعر منصة صيرفة، ما سيؤدي الى زيادة الطلب على الدولار ما يعني ارتفاعاً إضافياً بسعره. والخطر الأكبر هو أن يعود سعر برميل النفط العالمي للارتفاع ويقلص مصرف لبنان نسبة الدعم بالدولار على صيرفة، ما سيرفع صفيحة البنزين الى مليون ليرة، أي ما يُقارب راتب موظف!
ويبقى السؤال: كيف سينتقل المواطنون في هذه الحالة الى أعمالهم بسياراتهم وعبر النقل الخاص؟ وهل يتوقف النشاط الاقتصادي؟