| ناديا الحلاق |
في بلد منهار اقتصادياً، ويعاني من أسوء أزمة مالية منذ سنوات وما زال، وتنهار فيه قيمة الرواتب، يرتفع حجم الطلب على بن القهوة والفحم الذي يستخدم للنرجيلة، لدرجة أصبحت شريحة كبيرة من اللبنانيين مستعدون للتضحية بأمور حياتية وترفيهية كثيرة، مقابل تأمين القهوة ومستلزمات النرجيلة كشكل من أشكال الترفيه البديل، متناسين ما قد تسببه من ضرر صحي بيئي ومادي، ما يعكس صورة “انفصام لبناني” ونكران لواقعية الأزمة، وكأن مشهديتها ما هي إلا “سيناريو مفبرك” والحديث عن ارتفاع شريحة الفقر أمر مبالغ فيه ومناقض للواقع.
ولم تعد القهوة والنرجيلة تقتصر على فئة معينة من الناس، بل أصبح يطلبها المراهقون والطلاب والموظفون بهدف التركيز في الدراسة أو العمل.
مهى لا تستطيع بدأ يومها قبل شرب “ركوة” من القهوة ونفس نرجيلة، وتقول لموقع “الجريدة”: بعد أن انتهي من دوام عملي عند الساعة الثانية ظهراً، لا أدري ما أفعل، فأبدأ بشرب القهوة والنرجيلة مع أخوتي لإضاعة الوقت، وفي بعض الأحيان نذهب إلى أحد المقاهي كنوع من أنواع التغيير والترفيه عن أنفسنا لشرب النرجيلة.
جهاد الذي لم يتجاوز الرابعة عشر من عمره لا يستطيع الدراسة إلا بعد فنجان القهوة و”نفس النرجيلة”، فهو أيضاً اعتاد شربهما يومياً، أما في العطلة الصيفية فيزداد طلبه عليهما لأنه لا يجد ما يفعله، خصوصاً وأن وضع عائلته الاقتصادي صعب ولا يخوله التسجيل بنشاط صيفي.
أما ندى ابنة العشرين عاماً، فتقول أن النرجيلة والقهوة من أولويات يومها وعندما تشعر بالملل تلجأ لها حتى باتت تعتبرها متنفساً لها وتخرجها من الهموم التي تمر عليها تباعاً.
هؤلاء نماذج عن آلاف اللبنانيين الذين تستهويهم القهوة والنرجيلة والذين يعتبرونهما مصدران أساسيان “لتعباية الراس، ما بيستغنوا عنها لو شو ما صار”.
وبحسب الأرقام الصّادرة عن الجمارك، بلغ استيراد لبنان للبن بجميع أنواعه في العام 2023 78,662 مليون دولار، مقارنة بـ 56,821 مليون دولار في العام 2022، أمّا في العام 2021 فكان مُجمل الاستيراد 52,172 مليون دولار”.
أما بالنسبة لاستيراد الفحم الذي يستخدم في تحضير النرجيلة، استورد لبنان في الـ2023 فحماً بمجمل 33,426 مليون دولار، أمّا في الـ2022 فكان الرّقم 41,100 مليون دولار، وفي الـ2021 بلغ حجم الاستيراد 21,729 مليون دولار.