| ندى أيوب |
أكّدت أوساط متابعة، أن هناك متابعة تركية حثيثة للمزاج الشعبي في الشارع السني في لبنان، بعد التحوّل الكبير الذي شهده عقب «طوفان الأقصى» وفتح حزب الله جبهة إسناد لقطاع غزة، «انطلاقاً من تخوّفٍ تركي بأن تزعزع الحرب الجهود التركية التي بُذلت في السنوات الماضية على صعيد الاستثمار في الجماعات والتيارات الإسلامية في لبنان». ويترافق ذلك، مع استياء في الأوساط الشعبية السنية، تحديداً في مناطق شمال لبنان، من المواقف التركية الاستعراضية من الحرب على غزة، بعدما كانت التوقّعات بإقدامِ أنقرة على قطع العلاقات مع إسرائيل أو وقف التبادل التجاري معها، ما هشّم صورة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كـ«قائد للسنّة وكراعٍ إقليمي لهم».
وأوضحت المصادر أن وزارة الخارجية التركية وجهاز الاستخبارات «يتابعان هذه التحولات عن كثب ويجمعان المعطيات حول ما إذا كان هذا التحوّل مرحلياً أم ستكون له تداعيات مستقبلية». وتنقل الأوساط، أنّ المسؤولين في الخارجية التركية لا يفوّتون فرصة لطرح أسئلة عن أحوال الشارع السني، ربطاً بانخراط حزب الله في المعركة إلى جانب الفلسطينيين، ومشاركة «قوات الفجر» في القتال إلى جانبه. و«في اللقاءات التي يعقدونها في لبنان أو في إسطنبول مع فاعلين على الساحة السنية، يحضر النقاش حول ما إذا كان الدعم السني الشعبي لحزب الله في معركته الراهنة، يمهّد لنوع من التقارب المستقبلي، أو يؤسّس لحضور أكبر للحزب في المناطق ذات الأغلبية السنية»، بخلاف ما كان عليه الوضع قبل «طوفان الأقصى»، حين كانت النبرة عالية في وجه الحزب، الأمر الذي غاب تماماً عن منابر خُطب الجمعة.
وبحسب المعطيات، بدأ الأتراك النقاش في الأمر في نيسان الفائت مع شخصيات، مثل النائب عن «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت، على هامش مشاركته في مؤتمر «رابطة: برلمانيون لأجل القدس»، حيث دار نقاش مطوّل معه حول تموضع «الجماعة» والعلاقة مع الحزب، واحتمالات تطوّرها في المستقبل إلى تحالف سياسي. وتكرّر الأمر مع الأمين العام السابق للجماعة عزّام الأيوبي الذي شارك في اجتماعات «ملتقى العدالة والديمقراطية» في إسطنبول. وعلى هامش اجتماعات «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، في أيار التقى مسؤولون أتراك مجموعة من رجال الدين السنّة، في «محاولةٍ لاستشراف طبيعة العلاقة التي قد تنشأ مع الحزب، وهل التماهي الحالي مرحلي أم استراتيجي».
وكان لافتاً إدخال تغييرات قبل نحو شهر في الملحقيّتين السياسية والأمنية في السفارة التركية في بيروت منذ قرابة الشهر، باعتبار أن «ضعفاً ساد المرحلة السابقة على المستوى السياسي» كما تنقل الأوساط. وتضيف أن «الاهتمام التركي بالملف اللبناني سيزداد في المرحلة المُقبلة، وسط ترجيحات بأن تشهد بيروت زيارةً إما لشخصية سياسية كوزير الخارجية التركي حقان فيدان، أو لشخصية أمنية».
ومعروف أن أنقرة استغلّت الفراغات المتولّدة من الغياب العربي عن الساحة اللبنانية خصوصاً بعد الانكفاء السعودي، وحاولت خلق نفوذٍ لها ولعب دور «راعي الطائفة السنيّة» في لبنان. ومن دون إحداث ضجيج كالذي عرفه تدخّلها في سوريا وليبيا، مدّت تركيا نفوذها تحديداً في شمال لبنان، فدعمت جماعات وقوى إسلامية على الصعيديْن الثقافي والسياسي، وقدّمت مساعدات إنمائية وإنسانية. وتُرجم «الولاء» لإردوغان في شوارع لبنان العام الماضي، عندما اكتظّت الطرق في عدد من المناطق بالمحتفلين بفوز إردوغان في الانتخابات الرّئاسيّة.