في أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كتب موقع “ذا إنترسبت” الأميركي الشهير، عن اتجاه الولايات المتحدة لتزويد “إسرائيل” بمزيد من الأسلحة لمتابعة المعارك في قطاع غزة.
وكانت الأنباء الواردة من غزة تفيد أن “حماس” حصلت على أسلحة أميركية، الأمر الذي تسبب في انزعاجاً هائلاً لوزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”. وبات التساؤل: كيف وصلت هذه الأسلحة المتقدمة إليهم؟ ثم كيف يمكن مواجهة هذا الخطر الكبير على “إسرائيل”؟
وأجمعت التحليلات الاستخبارية على أن تلك الأسلحة كان تم تصديرها إلى أوكرانيا، ومن هناك وجدت طريقها إلى غزة، ورغم أنها قصة مهمة قائمة بذاتها، إلا أن تبعاتها تمثلت في حتمية حصول “الإسرائيليين” على مزيد من الأسلحة الأميركية المتقدمة.
لم يكن طريق وصول تلك الأسلحة الحديثة إلى “تل أبيب”، عبر الطرق التقليدية بالسفن والطائرات كما هو الحال في كل مرة، وإنما كان الحديث مغايراً جداً هذه المرة، وبمثابة مفاجأة للذين لا علم لهم بسياسات الولايات المتحدة منذ زمن الحرب الباردة والتي استمرت من عام 1947 وحتى عام 1991، أي لأكثر من أربعة عقود.
في تلك الفترة، كانت واشنطن تتوقع حرباً مع الاتحاد السوفياتي في أي وقت من الأوقات، وعلى طول جبهات عدة مفتوحة حول العالم، ولهذا اهتمت بنوع خاص بنظام الأمن والتخزين لأسلحتها، سواء التقليدية منها أو النووية.
وكان نظام تخزين الأسلحة التقليدي يعتمد على نشرها ضمن مخازن عملاقة في أوروبا الغربية، بشكل عام، وفي الشرق الأوسط بشكل خاص، سيما في ظل ميل كثير من دول المنطقة إلى التعاون مع موسكو، وخوفاً من أن يتقدم السوفيات ناحية المياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط، فيما كان الهاجس الأكثر رعباً هو الوصول إلى منابع النفط في منطقة الخليج العربي، ولذا كان لا بد من حضور سلاح أميركي تقليدي فائق القوة، يمكنه الانتشار خلال أيام قليلة لمواجهة نطيره السوفياتي.
أما الأسلحة النووية فلم يتم نشرها أو تخزينها إلا في دول تتمتع بثقة أميركية عالية، وجلها كان في بداية المشهد في أوروبا الغربية، وتحديداً في ألمانيا وإيطاليا، ولاحقاً في بعض المواقع الآسيوية ولو بشكل سري، كما هي الحال مع كوريا الجنوبية واليابان.
نعود من جديد إلى الشرق الأوسط ونصيبه من هذه المخازن السرية الأميركية، وهل تم بالفعل فتحها أخيراً من جانب “إسرائيل”؟ وهل القصة فقط تتعلق بكونها مخازن أسلحة أم أن هناك ماورائيات تميط اللثام عن الشكل الذي كان يتوقعه “حلف الناتو” بحال الصدام مع “حلف وارسو”، سواء كان تقليدياً أم نووياً؟
مخازن “يوم القيامة” الست في “اسرائيل”
لعله من المثير القول إن ما حدث هذه المرة خلال الصدام “الإسرائيلي” مع غزة، هو عينه الذي جرى في عام 2014، خلال هجوم مماثل شنه الجيش “الإسرائيلي”، ما يعني أن الحديث عن المخازن الأميركية للأسلحة التقليدية قد تم الهمس به في المخادع، لكن هذه المرة ها هو ينادى به من فوق السطوح. تبدو القصة مرتبطة بالتوجهات العسكرية التي أقرها الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر في سبعينيات القرن الماضي، لمواجهة الخطر الإيراني القريب، والشيوعي البعيد ، وقبل ذلك كان هو من رسم خطة الانتشار العسكري في مياه الخليج، لقطع الطريق على حدوث مغامرات سوفياتية أخرى. وكان الأميركيون قد تجرعوا الدرس غالياً، بعد قرار وقف إمدادات النفط في حرب عام 1973.
ما تسرب استخباراتياً عن هذه المخازن مثير جداً، ذلك أنه تم إنشاؤها بشكل جغرافي استراتيجي يفترض وقوع حرب كبرى بالفعل، ذلك أنها لم تتركز في ناحية واحدة من البلاد، بل تم توزيعها على أربع نقاط، شمالاً، وجنوباً، وشرقاً، وغرباً، وداخل مناطق عسكرية محظور دخولها على الجيش “الإسرائيلي” إلا في ساعات الطوارئ الحربية القصوى.
ولهذه المخازن ملحق ينظم أوضاعها لاسيما فتحها ووضعها تحت تصرف الحكومة “الإسرائيلية”، في أوقات محددة ينظمها قانون خاص مؤرخ بتاريخ 26 مارس (آذار) 1979، موقع عليه بالإجماع من قبل مجلس الشيوخ الأميركي.
يبلغ عدد تلك المخازن العملاقة ستة، تكدس فيها الولايات المتحدة السلاح الحديث بأنواعه وأشكاله، وتسميها واشنطن “مخازن الاحتياطي الاستراتيجي”.
ولعل السؤال الذي يرد على ذهن القارئ هو: ما الذي يوجد في هذه المخازن غير المسبوقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؟
تبدو كلمة “مخازن عملاقة” تعبيراً حقيقياً بالفعل، ذلك أنها تحتوي على كافة أنواع الصواريخ الذكية بأحجامها المختلفة، إلى درجة وجود أنواع “التوماهوك”، لاسيما العابرة للقارات منها، مع قطع غيار الطائرات الأميركية الأحدث في العالم، متراصة في “هناغر” (مستودعات) عملاقة.
وهناك كذلك الأسلحة الثقيلة بكافة أنواعها، حيث أرقام كبيرة من الدبابات الأميركية الحديثة، وتشير مصادر أميركية إلى وجود الطائرات العمودية الهجومية والمقاتلة الحديثة، بكل الأحجام، حتى القاذفات الاستراتيجية، عطفاً على مخازن للذخيرة الحية الذكية والعادية، بمختلف أنواعها وأعيرتها.
ضمن هذه المخازن هناك مخزن عملاق آخر يحتوي على 10 مستشفيات كبيرة بتجهيزاتها الأحدث في العالم طبياً وعسكرياً، بسعة 50 ألف سرير ميداني متقدم، تخدم معركة شاملة تدوم لمدة عام كامل من دون الحاجة إلى أي تجهيزات إضافية.
وطبقاً لبنود الاتفاقية الموقعة بين واشنطن و”تل أبيب” السرية، فإن تلك القواعد لها أسماء “كودية” (مشفرة) خاصة تعرف بها، وهي على التوالي: موقع 51، موقع 52، موقع 53، موقع 54، والأخير هو المخزن الطبي العسكري السابق الإشارة إليه.
هل يتم تجديد هذه المخازن أو التوسع فيها؟
من خلال ما نشرته مجلة “أنترسبت” الأميركية، ورغم كل ما تسرب من أخبار عن تلك المخازن، فإن الغموض يظللها حتى الساعة، إذ يعد الأمر من قبل الأسرار العسكرية فائقة السرية. غير أن هناك من يرجح وجود أحد تلك المخازن على الحدود الفلسطينية – اللبنانية، وقد شيده سلاح المهندسين الأميركي تحت الأرض، ونفذت عمليات البناء الخاصة به شركات ألمانية متخصصة في تشييد التحصينات المضادة للصواريخ النووية.
مواجهة السوفيات أم تأمين “إسرائيل”
الغوص عميقاً في قصة المخازن السرية للأسلحة الأميركية في فلسطين المحتلة، تقودنا إلى تساؤل مهم: هل كان الهدف هو مواجهة السوفيات، أم تأمين كيان لـ”اسرائيل”؟
يمكن القطع بأن الهدفين كانا يلتقيان معاً في وحدة توجه، سيما أن دول الطوق العربي في سبعينات القرن الماضي، كانت برمتها تميل إلى الإتحاد السوفياتي وتعقد تحالفات معه.
والمؤكد أن مطالعة ديباجة الاتفاقية، تكشف بعضاً من أسرار هذه المخازن العملاقة، للسلاح الأميركي في “اسرائيل”، فقد كانت حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أحد الأسباب الرئيسة لنشوء هذه المخازن بحسب بعض التحليلات… فما الذي جرى تحديداً؟
الشاهد أن الفكرة انطلقت عندما واجهت الولايات المتحدة عقبات من قبل الدول الأوروبية التي فرضت محاذير على مرور الأسلحة الأميركية إلى “اسرائيل” عبر حدود فلسطين ومياهها الإقليمية، ووسائل نقلها من سفن وطائرات، وحتى لا تقع تحت مزيد من عقوبات العرب الخاصة بالنفط.
وكانت عملية الجسر الجوي الأميركي لـ”اسرائيل”، مسألة حتمية لا بد منها، وحتى لا تتقدم الجيوش العربية ممثلةً بمصر وسوريا، غير أن تحريك تلك الأسلحة فجأة ومرة واحدة لم يكن بالأمر اليسير على البنتاغون، وربما أدى إلى مضاعفة التكاليف عبر اللجوء إلى شركات النقل الخاصة التي رفعت أسعارها بشكل مغالى به.
وكانت أزمة حرب أكتوبر (تشرين الاول) في عام 1973 البداية التي قادت إلى فكرة المخازن السرية كأفضل وسيلة يمكن من خلالها تأمين كيان لـ”اسرائيل” من جانب، والاستعداد لملاقاة السوفيات وأعوانهم من جانب آخر.
وبالدخول إلى بنود الاتفاقية نجد أن المخازن تدار بشكل كامل من قبل وزارة الدفاع الأميركية، وبواسطة فرقة أميركية مصغرة من الخبراء والمهندسين والفنيين العسكريين.
ويبلغ تعداد هذه المجموعة طبقاً للاتفاقية، نحو 150 ضابطاً، يقيمون بصورة دائمة في الكيان الصهيوني مع أسرهم، وبالتبادل في ما بينهم وبين الأطقم الأميركية التي تُستبدل على فترات منتظمة، فيما تساعد “إسرائيل” طبقاً للاتفاقية، في الحراسة الداخلية طبقا للمتطلبات الأميركية الأمنية الصارمة، مع تأمين جيش العدو الإسرائيلي للقواعد الست سيادياً.
آليات فتح المخازن السرية
كيف يمضي الحال في هذه المخازن، إذ لا يمكن القبول عقلاً أنها ستبقى ثابتة مرة وإلى الأبد منذ نشأتها؟
بإختصار غير مخل، يمكن القول إن هذه المخازن قد تعرضت مرات عدة للتعديل والتبديل، ولتغيير المخزون الحربي فيها، لاسيما بعد أن فقدت العديد من أدواتها صلاحيته أو تم صيانته وإعادة تجديده، ومن هنا يمكن للمرء أن يتفهم لماذا تنشأ الحروب في الشرق الأوسط، مرة كل عشر سنوات على الأقل، إن لم يكن مرتين أو أكثر.
طبقاً للاتفاقية الموقعة بين واشنطن و”تل أبيب”، تقوم وزارة الدفاع الأميركية بشكل سنوي دوري بتجديد الأسلحة المكدسة في تلك المخازن. المثير أن يعرف القارئ أن ما يتم الاستغناء عنه من أسلحة تلك المخازن، أو ما يتم استبداله، وغالباً ما يكون في حالة المصنع، يعيد البنتاغون توريده كمساعدات للدول التي تحصل على المعونات العسكرية الأميركية، وفي مقدمتها “إسرائيل” نفسها والعديد من الدول حول العالم. وطبقاً للاتفاقية يكون التجديد والاستبدال بواقع ما يعادل 3 مليارات دولار سنوياً.
على أن فكرة من يملك اليد العليا في فتح تلك المخازن، يبقى من “الميكانيزمات” (الآليات) المثيرة، ذلك أنه رغم وجودها على تراب فلسطين المحتلة، حيث تكون السيادة الطبيعية لحكومة العدو، إلا أن واقع الحال يقول بأنها لا تملك أي مقدرة على فتح تلك المخازن إلا من خلال إجراءات أميركية عالية المستوى.
ويحتاج فتح هذه المخازن إلى ترخيص خاص من الكونغرس، تقوم عليه لجنة الشؤون المسلحة في مجلس الشيوخ بنوع خاص، والتي تعطي الضوء الأخضر، من خلال “فاكس” يُرسَل من الكونغرس مباشرةً، وليس من البيت الأبيض، أو من مكتب الرئيس، إلى السفير الأميركي في “تل أبيب”، قبل أن يقوم دونالد ترامب بنقل السفارة رسمياً إلى القدس.
وحفظاً للسرية الفائقة لقصة المخازن، فإن الفاكس لا يرسَل بلغة إنجليزية اعتيادية أو بغيرها من اللغات المتعارف عليها، بل يتم إرساله من خلال لغة مشفرة على أعلى مستوى، تملك خلية الاستخبارات القائمة في السفارة الأميركية مفاتيح حلها، من خلال نظام خاص بها.
تالياً، وبعد التأكد من صحة مصدر الفاكس، والمؤكد أن الفاكس كان وسيلة السبعينات، قبل ظهور شبكة الإنترنت، ما يعني أن قرار فتح المخازن اليوم ربما يتم من خلال بريد إلكتروني لشبكات البنتاغون المأمون جانبها، بعد التأكد، يقوم السفير الأميركي بتسليم المفاتيح الرئيسة وهي غالباً شفرات إلكترونية، إلى رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، والذي يتسلم مخازن السلاح الأهم في العالم بحجة حماية الدولة العبرية.
تاريخياً، يمكننا أن نتساءل، هل جرى بالفعل فتح هذه المخازن في مرات سابقة، وقبل أزمة السابع من أكتوبر (تشرين الاول) الماضي؟
ربما يكون قد جرى ذلك مرات عدة، لكن في إطار من السرية، غير أن المرة المؤكدة في العقود الماضية، حدثت خلال حرب يونيو (حزيران) 1982، أي خلال اقتحام القوات “الإسرائيلية” لبيروت وضواحيها. ويومها سمح الكونغرس الأميركي بالفعل لـ”إسرائيل” بوضع يديها على المخزنين العملاقين رقمي 55، و 56، الواقعين بنحو خاص على مقربة من الحدود اللبنانية.
فتح المخازن من دون علم أميركا
أعاد الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة التساؤل عما إذا كانت “إسرائيل” وعبر تاريخها قد فتحت هذه المخازن من دون علم الولايات المتحدة أم لا؟ التساؤل المتقدم طُرح وبقوة في أروقة واشنطن خلال رئاسة باراك أوباما، وبالتحديد في عام 2014، حين شنت “إسرائيل” هجوماً على غزة. وبدا أن هناك من يقطع بأن أيدي “تل أبيب” وصلت إلى مخزون السلاح الأميركي من دون علم مسبق من الإدارة الأميركية أو الكونغرس، غير أن تحقيقاً لم يحدث، وتم تجاوز الأمر بشكل غير قانوني، ما يعني أن “تل أبيب” وضعت واشنطن تحت الأمر الواقع، وربما أن هناك من تماهى مع تل أبيب انطلاقاً من أهميتها الاستراتيجية التي استرجعتها مرة أخرى، بعد ظهور خطر الصين، وصحوة روسيا الاتحادية كبدلاء لحلف وارسو المنحل.
هل عادت الشكوك مرة جديدة لتحلّق فوق أجواء “اسرائيل” وعلاقتها بالمخازن الأميركية السرية؟
يبدو أن هناك خيوط دخان في هذا السياق، فوفقاً لصحيفة “الغارديان” البريطانية، يواجه هذا المخزون الأميركي الضخم من الأسلحة تدقيقاً واسعاً منذ بدء حرب غزة، حيث يقول باحثون في مجال الدفاع إن هناك قليلاً من الشفافية حول فئات وكميات الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة لـ”إسرائيل”، مشيرين إلى أن هناك شكوك بشأن سحب “إسرائيل” كميات كبيرة من هذه الأسلحة، لاستخدامها في الحرب ضد “حماس”.
هل هناك شبهة لمؤامرات خفية ما بين إدارة بايدن التي لا تداري أو تواري هواها وميولها الداعمة لكيان العدو، وبين قصة المخازن السرية، الأمر الذي يعود بنا ومن جديد إلى فضيحة “كونترا غيت”، في زمن رونالد ريغان، حيث جرت صفقات أسلحة كبيرة وخطيرة من دون علم ممثلي الشعب الأميركي.
في مقابلات مع “الغارديان” البريطانية، قال مسؤولون أميركيون سابقون مطلعون على المساعدات العسكرية الأميركية لـ”إسرائيل”، إن هذا المخزون يتيح عمليات نقل سريعة للأسلحة إلى الجيش “الإسرائيلي”. وأضافوا أن وجوده بالأراضي المحتلة “يحمي تحركات الأسلحة الأميركية من الرقابة العامة ورقابة الكونغرس”.
التماهي الأميركي الواضح خلال إدارة بايدن مع حكومة نتنياهو يتجلى في تصريح لمسؤول أميركي كبير سابق في “البنتاغون” قال فيه “رسمياً هذه معدات أميركية للاستخدام الأميركي فقط، ولكن من ناحية أخرى، من يستطيع أن يقول إننا لن نعطي إسرائيل مفاتيح هذه المستودعات في حالة الطوارئ”.
ماذا عن مستقبل هذه المخازن؟
يبدو أن هناك تطورات مدهشة قادمة تصب في صالح “إسرائيل” بشكل كبير، إذ أثار مشرعون في واشنطن مخاوف بشأن مقترحات للبيت الأبيض، من شأنها تخفيف القواعد المتعلقة بأنواع الأسلحة الموضوعة في المخازن، وتوسيع حدود الإنفاق على تجديدها، ومنح البنتاغون مرونة أكبر لنقل أسلحة من هذه الترسانة.
هنا لابد من التوقف أمام تصريحات “جوش بول”، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، والذي استقال أخيراً احتجاجاً على دعم واشنطن لـ”إسرائيل” خلال حربها على غزة، والتي قال فيها “إن مقترحات البيت الأبيض بشأن المخزون هي جزء من حملة لإدارة بايدن تستهدف إيجاد طرق جديدة لتزويد إسرائيل بالسلاح”.
الأسلحة الغبية تكشف حقيقة الأمر
هل انكشف سر الدعم الأميركي غير المشروع لـ”إسرائيل” من خلال مخازن السلاح السرية؟
يبدو أن هناك تطورات عدة شهدتها الفترة الممتدة من السابع من أكتوبر الماضي وحتى اليوم، وفي مقدمها، الإجتماع الذي تم في البيت الأبيض –على ذمة الراوي جوش بول نفسه – بعد هجوم 7 أكتوبر، وفيه “تمت مناقشة كل سلطة قانونية ممكنة يمكن منحها لـ”إسرائيل” لضمان حصولها على الأسلحة في أسرع وقت ممكن”.
على أن حديث آخر أشد وعورة وخطورة، جاء على لسان قائد عسكري سابق، يكاد يخبرنا بأن “إسرائيل” قولاً وفعلاً حصلت على أسلحة من هذه المخازن، وبصورة غير قانونية.
يقول هذا المسؤول في معرض حديثه عن محتويات المخازن، “إنها مليئة بما يسمى بالذخائر الغبية، أي تلك التي لا تحتوي على أنظمة توجيه متطورة، بما في ذلك آلاف القنابل الحديدية التي يتم إسقاطها ببساطة من الطائرات دون توجيه إلى منطقة معينة”.
والمعروف أنه سبق وأن تمت الإشارة إلى وجود هذه الذخائر الغبية في تقرير نشره مركز أبحاث مؤيد لـ”إسرائيل”، وهو المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي، في عام 2020، حيث انتقد تلك الذخائر التي “عفا عليها الزمن”.
ليس سراً القول إن العالم برمته قد رصد في العمليات العسكرية “الإسرائيلية” تجاه قطاع غزة، استخدام تلك القنابل الغبية، الأمر الذي أدى إلى الخسائر الفادحة في الأرواح والمباني، وحوّل غزة إلى أكوام من تراب، ودفن تحتها ما يتجاوز 22 ألف من المدنيين الأبرياء.
أوكرانيا ومخازن السلاح “الإسرائيلية”
يبدو أن المخازن تم فتحها أخيراً بشكل شبه مؤكد، ليس لـ”إسرائيل” فقط، ولكن لأطراف أخرى في مقدمها أوكرانيا بنوع خاص. الرواية هذه المرة تقع على عاتق صحيفة “نيويورك تايمز”، ذائعة الصيت، فقد نشرت في الأيام الأولى من شهر يناير (كانون الثاني) الجاري، ما قاله مسؤولون أميركيون و”إسرائيليون” إن “البنتاغون يستغل مخزوناً هائلاً، ولكنه غير معروف، من الذخيرة المخزنة في إسرائيل للمساعدة في تلبية حاجة أوكرانيا الماسة لقذائف المدفعية في حربها مع روسيا”… ماذا تعني هذه العبارة؟
بإختصار غير مخل، يمكن القطع بإن إدارة بايدن والتي تواجه أخيراً أزمات واسعة في الكونغرس، لاسيما من قبل الجمهوريين الرافضين إعطاء الأوكرانيين “شيكاً على بياض” واستمرار تدفق المساعدات العسكرية على كييف – زيلنسكي، قد وجدت في هذه المخازن أفضل طريق سري وماورائي لدعم المواجهة مع القيصر بوتين، وهو أمر مرشح لأن يكون فضيحة سياسية في وقت لاحق لبايدن وإدارته، وبنوع خاص، حال أراد جنرالات البنتاغون تبييض صفحتهم أمام الرأي العام الأميركي، وبعدما ارتفعت مخاوفهم إثر الإنخفاض الملحوظ للأسلحة والذخائر في المخازن على الأراضي الأميركية وهو الأمر الذي عرضت له وبشكل موسع صحيفة “وول ستريت جورنال” في تحقيق أخير لها منذ أسابيع.