| رندلى جبور |
يحاول الفرنسيون التفتيش عن دور بعد اضمحلال دورهم، وإيجاد موطئ قدم لهم خارج الحدود، بعدما حصرتهم تبعيتهم السياسية للولايات المتحدة داخل حدودهم.
هم يحاولون، ولبنان ساحة اختبار يعتبرونها قابلة وخصبة.
بدأوا منذ انفجار المرفأ، ولم يفلحوا. ثم بتشكيل الحكومة، ولم ينجحوا. وبعدها بالمبادرات الرئاسية. ولم يصلوا إلى نتيجة… واليوم يجرّبون حظّهم من بوابة الجنوب، من خلال ورقة بعنوان “تهدئة الجبهة”، ولكنها ستلحق بالتجارب الفاشلة السابقة.
ورقتهم تبقى استعراضاً لعدم واقعية بنودها، والرد اللبناني لن يكون أكثر من تجويف دبلوماسي لمضامينها.
لماذا؟ يؤكد معنيون تسلّموا الورقة الفرنسية بعد زيارة وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه إلى تل أبيب، أنها “ورقة إسرائيلية” مئة في المئة، لأنها توسّع المطالب باتجاه لبنان وتقتصر إسرائيلياً على الدعوة الفضفاضة لوقف الطلعات الجوية!
وبالعودة إلى لبنان، تطلب الورقة منه عدم عرقلة دوريات “اليونيفيل”. بمعنى منح القوات الدولية حرية كاملة بالتحرك على أرضنا، من دون التنسيق مع الحكومة أو الجيش، وهو ما كان بلدنا رفضه خلال التجديد لها في مجلس الأمن.
كما يطلب الفرنسيون إرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب، على أن تتكفل اليونيفيل بـ”إطعام” عسكره! وهذا إذلال ما بعده إذلال، ورشوة لمؤسسة وطنية لا تقبل الرشاوى والفتات!
كذلك تطلب الورقة “الاسرائيلية” انسحاب “قوة الرضوان” إلى عمق عشرة كيلومترات، وتفكيك خيامها وأبراجها و”كونتينراتها”، مع “منع أي مظاهر مسلحة” من الليطاني حتى الخط الأزرق.
ولكن، أين هي فعلياً مواقع “الرضوان”؟ وكيف يمكن التمييز بين عناصرها وبين عناصر “حزب الله” الآخرين؟ وهل لدى المقاومة ثكنات عسكرية معروفة أو قواعد واضحة؟ حتماً لا… لأنها ليست جيشاً نظامياً كلاسيكياً.
ثم أين موضوع تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وباقي الاراضي اللبنانية المحتلة؟ فهذا مطلب لبنان الأول، وهو غير مذكور في الورقة.
فعلى أي أساس سنفاوض؟ ومعروف أن أي مفاوضات مع لبنان لن تحصل قبل انتهاء الحرب في غزة.
لذا، وبلغة دبلوماسية “منمّقة”، سيقول لبنان لفرنسا بما ترجمته الدارجة: “بلّوا ورقتكم واشربوا ميّتها، وهي مردودة لكم مع الشكر الجزيل”.
* الآراء الواردة في المقالات تعبّر عن رأي كاتبها ولا يتحمّل موقع “الجريدة” أي مسؤولية عن مضمونها *