| غاصب المختار |
سقطت فعلياً قواعد اشتباك العام 2006 في الجنوب، نتيجة تجاوز الاحتلال الاسرائيلي للخطوط الحمر باستهداف المدنيين والمنازل والسيارات والأحراج بقصد افتعال حرائق كبيرة فيها، واقتربت المنطقة من حافة الحرب الأوسع، ولم يلجمها حتى الآن سوى تقيّد المقاومة بهذه القواعد إلّا في حالات قليلة جداً خلال الأيام الخمسة وأربعين الماضية، رداً على توغل وتوحش العدو باستهداف سيارة عيناتا وقتل من فيها من سيدة وحفيداتها الثلاث، واستهداف الصحافيين واستشهاد المصور عصام عبد الله واصابة آخرين.
في معلومات موقع “الجريدة” من مصادر مطلعة على مسار عمل المقاومة، فإن مقولة “الكلمة للميدان”، التي أعلنها السيد حسن نصر الله، ما زالت تحكم المواجهات، “فإن صعّد العدو وتجاوز الخطوط الحمر، سيلقي نفس الأسلوب وأقسى.. وكل يوم بيومه”. وثمة معلومات مؤكدة أن المقاومة استعملت أسلحة جديدة ونوعية ومؤثرة باستهداف مواقع وتجمعات جنود الاحتلال وآلياته، ومنها قاذف صواريخ “كورنيت” مزدوج يطلق صاروخين بفارق ثوانٍ ما يؤدي إلى إصابات قاتلة في الدبابات، عدا استعمال صواريخ “بركان” التي يزن رأس الواحد منها المتفجر بين 300 و500 كيلوغرام، ما أخرج ثلاثة مواقع معادية من الخدمة بعد تدميرها بالكامل، بحسب المعلومات الميدانية. عدا عن تزايد عدد العمليات من 6 إلى 13 عملية يومياً.
كما أن استهداف الموقع الواحد بأكثر من عملية يومياً ألحق أضراراً بالغة بمنشآته وتحصيناته، فبات خوف جنود العدو قائماً من حصول عمليات اقتحام سهلة للموقع، وهو ما أكدته وسائل إعلام عبرية، إضافة إلى ما حصل يوم السبت من إسقاط طائرة مُسيّرة معادية من نوع “هيرميز 450″، بصاروخ أرض جو، وهي طائرة مسيرة قتالية متعددة المهام، ما يعني التدرج صعوداً في استخدام الأسلحة القادرة على شل حركة العدو، أو الحد منها بنسبة عالية على الاقل.
هذا في الميدان، اما في السياسة، فمن الواضح أن المقاومة، كما السلطات السياسية، استمعت إلى “نصائح” الموفدين المبطّنة بـ”تحذيرات” بعدم توسيع الحرب على غزة من جبهة الجنوب، وكان جواب المقاومة عليها في الميدان، في حين كان جواب المسؤولين الرسميين أن “الجموا اسرائيل ونتنياهو عن محاولة جر لبنان والمنطقة إلى الحرب الاوسع”.
وفي التقديرات السياسية أن نتنياهو يعتبر نفسه خاسراً لمستقبله السياسي بعد إخفاقاته في غزة وارتباكه وعجزه، بل فشله في جنوب لبنان، كما يقول مسؤولو المستوطنين. وشعوره هذا بخسارة حياته السياسية قد يدفعه إلى محاولة التعويض بعمل ما قد يكون أرعناً أو متهوراً يراهن عليه لعله يفلح في تعويم نفسه. لكن تأثير الميدان في غزة وجنوب لبنان سيكون أقوى من السياسة والدعم الغربي غير المسبوق للكيان الاسرائيلي، على رهان نتنياهو ومستقبله السياسي.
وفي متابعات الاعلام العبري العسكرية والسياسية يومياً تتضح أمور كثيرة لا يخفيها أركان الكيان الاسرائيلي، ففي الشأن العسكري كلام إعلامي علني “عن تعتيم المستوطنات وتحولها إلى مدن أشباح مقابل الأضواء في قرى الجنوب الحدودية، ورفض المستوطنين العودة طالما أن “قوات الرضوان” عند الحدود، وزيادة الضغط على الجيش ما يزيد الإحباط لدى المستوطنين في منطقة الحدود ولدى عناصر الاحتياط أنفسهم”.
وحول تقييمها للمواجهات قبل أربعة أيام، قالت وسائل إعلام عبرية: “اتضح أن حزب الله هو من يقرر من سيعيش ومن سيموت عند الحدود الشمالية. وجنود الجيش الإسرائيلي يشعرون أنهم بط في ميدان الصيد عند الحدود الشمالية. وبينما يهدد نتنياهو وغالانت ويطلقون التصريحات، يُملي نصر الله وتيرة المعركة التي يريدها عند الحدود”.
وافاد الإعلام أيضا عن احصاءات المستشفيات في شمال فلسطين لأعداد القتلى والمصابين من الجنود والمستوطنين. آخر احصاء أشار إلى معالجة 1405 إصابات في مستشفيات “رامبام” في حيفا ومركز “زيف” الطبي، ومركز “الجليل” الطبي، ومركز “الكرمل” الطبي، ومراكز “هايميك” و”باروش” و”بنايازيون” و”هيليل”.