| غاصب المختار |
اذا صحت المعلومات عن أن زيارة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليسدس إلى لبنان الأسبوع المقبل، برفقة رئيسة المفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ستحمل إلى لبنان دعما مالياً بقيمة 160 مليون يورو لدعم بقاء النازحين السوريين، فهذا يعني أن دول الغرب لا سيما الأوروبية منها لا تساعد لبنان الذي يُجاهد لإعادة النازحين السوريين ويكابد كثيراً من تحمل اعباء النزوح، بل تساهم في بقاء البلد يتخبط في أزماته المختلفة.
ينتظر لبنان قراراً من بعض الدول الأوروبية بالاعتراف بأن معظم مناطق سوريا باتت آمنة، وهو أمر سوف تتم مناقشته في القمة الأوروبية التي تنعقد نهاية الشهر المقبل في بروكسل، ما يعني إقراراً بأنه يمكن للنازحين العودة إلى بلادهم وتقديم الدعم المباشر لهم هناك بعد وضع آليات معينة، وهو أمر يراهن عليه لبنان الرسمي لا سيما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
لكن حتى الآن، ما زالت بعض الدول الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) والإدارة الأميركية، تُعاند في تسهيل تنفيذ العودة لأسباب محض سياسية، لا انسانية ولا اقتصادية ولا عملية، تتعلق بطريقة التعاطي مع السلطات السورية الرسمية الشرعية والحل السياسي الذي يريد الغرب فرضه للأزمة السورية.
ولعل الموقف الفرنسي المتشدد كان الأكثر إثارة للإستغراب برغم علم باريس، نظراً لتعاطيها المباشر بالملف اللبناني من كل جوانبه، بمخاطر هذا الملف على لبنان.
وأفادت المعلومات الُمسرّبة من باريس، أن الرئيس الفرنسي ماكرون لم يعطِ الرئيس ميقاتي، خلال لقائه به مؤخراً، أي جواب ايجابي حول اقتراح لبنان بإقامة مناطق آمنة داخل سوريا لعودة النازحين إليها، بدعم من قبرص والعديد من الدول الأوروبية لا سيما إيطاليا، ولكن الاتحاد الأوروبي أكد انه لن يُمّول العودة إلى سوريا أو تقديم المساعدات للنازحين داخل المناطق الآمنة بحجة “أن من شان ذلك منح النظام أوراقاً سياسية لمصلحته ودعماً ماليا”.
وقد عبّر الرئيس ميقاتي عن هذا التوجه الغربي خلال مداخلته في جلسة مجلس الوزراء أمس حيث حذّر “من خطر الإمعان بإطلاق توصيفات وتحذيرات لعرقلة عودة النازحين طوعاً، وإعادة المحكومين والنازحين غير الشرعيين منهم إلى سوريا، بحجة عدم وجود مناطق آمنة ك، فنسأل المجتمع الدولي عن مخاطر تحوُّل لبنان إلى مناطق آمنة للنازحين، وغير آمنة للبنانيين؟ وهذا ما يرفضه جميع اللبنانيين من منطلق وطني حفظاً للاستقلالية الكيانية للوطن”.
صحيح أن لبنان الرسمي استنفذ كل قدراته الدبلوماسية تقريباً مع دول الغرب والمجتمع الدولي، بما فيه الأمم المتحدة ومنظماتها الراعية لموضوع اللجوء، لإقناعها بضرورة تغيير سياساتها حيال ملف النزوح، لكن الصحيح أيضاً أن الغرب يطرح عوائق كثيرة أمان تطبيق القوانين اللبنانية وحتى الدولية، لا سيما مؤخراً حول تطبيق القوانين التي تنص على ترحيل المسجونين في لبنان الذين ارتكبوا جرائم وجنحاً كبيرة وصغيرة، تتراوح بين القتل والخطف والسرقة والمخدرات، وهو أمر سيتصدى له لبنان سواء بالتنسيق مع السلطات السورية عبر المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، أو بالتواصل مع دول الغرب، أو حتى بعدم الالتزام بما يقرره الغرب.
* الآراء الواردة في المقالات تعبّر عن رأي كاتبها ولا يتحمّل موقع “الجريدة” أي مسؤولية عن مضمونها