| مرسال الترس |
عندما حصل لبنان على استقلاله في العام 1943، أبدى العديد من المسيحيين ارتياحهم، ولاسيما منهم الموارنة، لأن السلطات الفرنسية أعطتهم الفائض من الامتيازات على بقية الطوائف والمذاهب، التي باتت تحمل الرقم 19، لأن تعدادهم وفق ما كان متعارفاً عليه هو نحو 54 بالمئة من عدد السكان آنذاك، في حين كانت الطوائف المسلمة تشكل 46 بالمئة بمن فيهم الدروز الذين لم يتعدوا الـ 6.8 بالمئة، أي بمستوى الطائفة الأرمنية.
ولكن في إحصاء العام 1932 الذي أجراه الفرنسيون، وهو ما زال حتى يومنا هذا الإحصاء الرسمي الوحيد، ظهر تعداد الطوائف المسيحية بنسبة 51.2 بالمئة والطوائف المسلمة 48.8 بالمئة.
ومنذ بداية ثلاثينيات القرن العشرين، بدأت النسب بالتبدل بشكل ملموس، لتتحول إلى انقلاب بعد عقدين من الزمن لا أكثر.
فعلى سبيل المثال، في العام 2007 نشر موقع “الجزيرة” الاحصائية إحصاء للسكان قيل حينها إنه نقلا عن الـ “بي بي سي” (هيئة الإذاعة البريطانية) وجامعة تكساس وموقع الـ”سي أي أيه” (المخابرات المركزية الأميركية)، فجاء فيه أن نسبة المسيحيين في لبنان هي 41.7 بالمئة وأن نسبة المسلمين هي 58.92 بالمئة.
ولكن بعد وقت وجيز من ذلك التاريخ، وتحديداً في العام 2011، إندلعت الحرب الكونية على سوريا، وبدأت أعداد النازحين السوريين بالتزايد على الأرض اللبنانية، وبتشجيع من مرجعيات مسيحية،ومارونية تحديداً، بحجة أسباب تخفيفية متعددة، حتى تحولوا اليوم إلى أزمة مستعصية.
وفي أحدث دراسة قام بها أكاديميون وجامعيون من مؤسسات مختلفة، وبطلب من “جهات محددة”، وتسنى لموقع “الجريدة” أن يطّلع على “زبدة” عملها، يتبيّن أنه في مطلع خمسينيات هذا القرن، أي بعد نحو ثلاثة عقود فقط، سيصبح عدد السوريين في لبنان 62 بالمئة واللبنانيين 38 بالمئة، فيما لن يتخطى عدد المسيحيين في هذه التجمعات حدود الـ9 بالمئة.
وفي هذا السياق يقول أحد الأكاديميين الذين شاركوا في جانب من تلك الدراسة، أن التاريخ يعيد نفسه لجهة أن ما سيحصل بالمسيحيين في الحقبة المشار إليها، يعيد إلى الأذهان ما فعلوه هم بالدروز عام 1860 حين “أغرقوا” الجبل بالمسيحيين.
ولكن الفارق أن الدروز، وعلى الرغم من كل التجاذبات السياسية التي تظهر بين زعمائهم، فإنهم يسعون دائماً للحفاظ على حد أدنى من “القومية الدرزية”، فيما يحمل المسيحيون، ولاسيما الموارنة منهم، “خنجر بروتوس” لطعن من يدّعي أنه شقيقه في خاصرته التي تقضي عليه، خدمة لهذا الطرف الخارجي أو ذاك، متجاهلاً ما حلّ بذاك “الثور الأبيض” من ويلات!
* الآراء الواردة في المقالات تعبّر عن رأي كاتبها ولا يتحمّل موقع “الجريدة” أي مسؤولية عن مضمونها