ما هي خلفيات الحملة على إنشاء مبنى جديد للمسافرين في المطار؟

منذ لحظة إطلاق وزير الأشغال علي حمية مشروع إنشاء المبنى الجديد للمسافرين في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، لاستيعاب 3,5 مليون مسافر، حتى فُتح الباب على مصراعيه للتشكيك بجدوى إنشاء بناء، ثم بصيغة التلزيم وعقد الإشغال والاستثمار بتمويل خارجي والتي بلغت قيمته 122 مليون دولار أميركي، مدفوعة بالكامل من القطاع الخاص، ومن دون أن تدفع الدولة اللبنانية دولارًا واحدًا، وذلك عبر “الشركة اللبنانية للنقل الجوي”.

بالتدقيق، تبيّن أن الحملة لا تستقيم فيها أي عناصر جدية، سوى أنها بدت مفتعلة، وتديرها جهة، أو جهات، متضررة من توسعة المطار، أو من عدم حصولها على عقد الاستثمار، ووجهت أصابع الاتهام إلى رئيس مجلس إدارة شركة “ميدل إيست” محمد الحوت.

بالتأكيد، لم يعد مطار بيروت قادراً على استيعاب الحركة منه وإليه، وما يعانيه المسافرون عبره من ساعات انتظار وإرباك، خير دليل على الحاجة الملحّة لتوسيع قدرة المطار الاستيعابية.

قامت قيامة بعض السياسيين، والنواب، فسارع وزير الأشغال بإرسال تقرير مفصّل إلى ديوان المحاسبة عن كافة عقود الإشغال والبناء والاستثمار التي أجرتها الوزارة في المطار سندًا لأحكام قانون رسوم المطارت ومن ضمنها مشروع إنشاء مبنى جديد للمسافرين.

ويبدو أن هناك أكثر من سبب للحملة ضد مشروع إقامة مبنى جديد للمسافرين Terminal 2، أهمها خلق المنافسة الذي يفتحه هذا المشروع باستقطاب شركات الطيران منخفضة التكلفة (Low Cost Carriers)، ما يعني أن ذلك سيؤدي سريعاً إلى انخفاض أسعار تذاكر الطيران المرتفعة من وإلى بيروت، والتي تستوفيها شركة ميدل إيست MEA في الوقت الراهن.

وكانت شركة طيرن الشرق الأوسط قد افتتحت مبنى الإدارة العامة “المبنى الأخضر”، بتاريخ 9/1/2023، وهو ما أثار آنذاك سلسة أسئلة حول الجدوى من افتتاح مبنى جديد للشركة، وبكلفة مرتفعة، فضلاً عن النقاش حول الأرض التي أقيم عليها المبنى والذي يفترض أنه ملك مطار رفيق الحريري الدولي.

وتعرّض المسؤولون الرسمية لانتقادات حادة بسبب مشاركتهم في تغطية “مصادرة” رئيس مجلس إدارة شركة ميدل إيست محمد الحوت لأراضي المطار.

ومع أن الانتقادات هدأت ولم تتوقف، إلا أنه مع التشكيك بجدوى إنشاء مبنى جديد للركاب، طرح مجدداً أسئلة عن الخلفيات والأهداف، وفتح مجدداً ملف “المبنى الأخضر” الذي دشّنته شركة طيران ميدل إيست، حيث توجهت أصابه الاتهام إلى احوت بأنه أقام مبنى الإدارة العامة الجديد “المبنى الأخضر” على أرض “مغصوبة” سُلِبَت من المال العام خلافاً للقانون. كذلك أن البناء المؤلف من أربعة طوابق فوق الأرض وأربعة طوابق تحت الأرض، لم يكن هناك أي حاجة إليه لأن المباني التي تحيط بالأرض المغصوبة كانت ولا تزال كافية لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية للشركة ولا يوجد أي مبرر اقتصادي أو أخلاقي بتهديمها وتحويلها إلى مساحات خضراء محيطة بالمبنى الذي كانت أرضه أصلاً مساحة خضراء ومشتل شجر.

كما أوردت الاتهامات أن العقار والبالغة مساحته 9,584 م.م. (تسعة آلاف وخمسمائة وأربعة ثمانين متراً مربعاً) تم تمرير مصادرته عبر عقد بيع بالتراضي من شركة طيران الشرق الأوسط – الخطوط الجوية اللبنانية تم تمريره في سنة 2009، وأن ارتفاع البناء الذي يصل إلى 41,5 م يتعارض مع الارتفاع الأقصى المسموح به لعدم الإضرار بفعالية تغطية رادار المطار وهو بين 30 م و38,5 م.

وتحدّثت الاتهامات عن اعتراض المديرية العامة للطيران المدني في شهر أيار من سنة 2009 (رقم 2152/2) على التنازل غير القانوني عن أملاك الدولة الخاصة في حرم المطار، مشيرة إلى أنه لا يوجد شيء اسمه بيع أملاك الدولة بالتراضي بالعودة إلى القانون لا سيما القرار رقم 275 – الصادر في 25/5/1926 – إدارة وبيع إملاك الدولة الخصوصية غير المنقولة الذي حرَّم في المادة 77 منه (المعدلة وفقا للمرسوم الاشتراعي 149 تاريخ 12/6/1959) أن تباع أملاك الدولة الخاصة بالتراضي:  “تباع أملاك الدولة الخاصة بطريقة المزايدة العلنية وفقا للأصول المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية وذلك على أساس تخمين تضعه لجنة خبراء”. هذا فضلا عن أن المديرية العامة للطيران المدني كانت في سنة 2009 تسعى إلى زيادة المساحات المستملكة لصالح تطوير مشروع المطار، ولم تكن بوارد التخلي عن المساحة المباعة لان المساحات المتبقية أصبحت نادرة أن لم نقل غير موجودة نهائيا حسب كتاب المديرية آنذاك؟

ولفتت تلك الاتهامات إلى عدم حصول أي مزايدة لبيع تلك الأراضي التي كانت هي في الأصل مملوكة من قبل مالكين صغار، وقد استملكتها الدولة بسبب حاجة المطار إليها، وقامت الدولة بنزع ملكيتها منهم تحقيقاً للصالح العام وأن القانون والعدل والأخلاق تفرض أن تعاد إليهم هذه الملكية في حال لم تعد الدولة بحاجة إليها قبل إعطائها لشركة الطيران وسلبهم حقوقهم.

إشارة إلى أن المادة 33 من قانون الاستملاك رقم 59 الصادر بتاريخ 29/5/2009 والتعديلات الطارئة عليه تنص على أنه: “…..أما إذا قررت الإدارة العدول عن المشروع، فيحق لمالك العقار أو لخلفائه العموميين أن يطلبوا استرداده خلال مهلة سنة من تاريخ إبلاغهم العدول بالطريقة الإدارية …..” وأنه لم يتم الإبلاغ وبالتالي إن لم تقم الدولة بذلك الإبلاغ تكون فد سلبت المالكين السابقين الصغار في تحويطة الغدير حقوقهم.

وكان ديوان المحاسبة قد اعترض على عملية البيع الرضائي، وأصدر رأيه الاستشاري رقم 48/2009 بتاريخ 20/5/2009 برئاسة رئيس الغرفة القاضي ناصيف ناصيف وعضوية المستشار سنا كروم سليمان والمستشار عبد الله القتات والتي نص فيه ما يلي: “…..لجهة بيع الأقسام من الأملاك الخاصة بالتراضي من شركة طيران الشرق الأوسط يكون بالتالي واقعاً في غير موقعه القانوني”.

 

error: Content is protected !!