الأربعاء, مايو 21, 2025
HomeSlider"فالق" بين عون و"القوات"!

“فالق” بين عون و”القوات”!

| خلود شحادة |

في يوم انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية، كان حزب “القوات اللبنانية” يتعاطى مع عون على أنه أحد قيادات “القوات”، وقد تبنوا وصوله إلى سدة الرئاسة رغم معارضتهم المسبقة للعماد عون على لسان رئيسهم.

وفي كل الاستحقاقات، حاولت “القوات” فرض رأيها على رئيس الجمهورية، وإملاء القرارات في كل الاستحقاقات، بدءاً من الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة، مروراً بتعيين الوزراء ووصولاً إلى ملف حصر السلاح بيد الدولة.

وعند كل استحقاق، أكد رئيس الجمهورية أنه لا يرضخ لأي املاءات، ولا يمكن لأحد أن يتعامل معه بـ”المونة”، حيث أنه، وبعد التشاور مع “الثنائي الشيعي” والوقوف عند حقوق الطائفة وهواجسها، لم يرضخ عون لرغبات “القوات” بإقصاء مكون أساسي داخل الدولة، وهو ما أزعج “القوات” حد التلويح بالتعطيل.

ومع فتح ملف تسليم سلاح “حزب الله”، عملت “القوات”، بلسان رئيسها، وبجهد “وزير خارجيتها”، على رسم “خريطة التسليم”، غير آبهين بالاعتداءت الإسرائيلية، وبالسلم الأهلي الذي يقف على شفير الحرب.

يؤكد رئيس الجمهورية جوزاف عون أن ملف سلاح “حزب الله” لا يُحل إلا بالحوار، وهو المدرك جيداً لحساسيته وأهميته، في ظل الاعتداءات التي ما زال العدو الإسرائيلي ينفذها بحق لبنان واللبنانيين، وما يشكله كيان الإحتلال من خطر وجودي حقيقي على لبنان وشعبه، في الوقت الذي تؤكد “القوات” ضرورة “نزع” السلاح من دون مهادنة.

يشدد الرئيس عون على موقفه بأن لا مهلة زمنية لتسليم سلاح “حزب الله”، وأن التنسيق على أعلى مستوياته بينه وبين قيادات “حزب الله” وحركة “أمل”، في الوقت الذي حددت “القوات” عبر رئيسها ووزرائها في الحكومة مهلة الـ6 أشهر لتسليم السلاح.. وإلّا!

يؤكد الرئيس عون بشكل متكرر إلتزام “حزب الله” بقرار وقف إطلاق النار، وبانسحابه من جنوب الليطاني بحسب الإتفاق، وبحق الدولة في الدفاع عن لبنان، معرباً عن غضبه من الإحتلال الذي ما زال يمعن في قصف لبنان وخرق سيادته براً وبحراً وجواً.. في الوقت الذي ما زالت “القوات اللبنانية” تحمل “حزب الله” مسؤولية ما يجري لتبرّئ “إسرائيل” من جرائمها، حيث ترمي ماء الفتنة لتغسل أيدي العدو من دماء اللبنانيين المسفوكة يومياً.
اكتشفت “القوات” أنها لا “تمون” على رئيس الجمهورية، وأنها لا تستطيع استدراجه إلى مشروعها… فالمسافة الفاصلة بين الرئيس عون وبين “القوات” أصبحت “فالقاً” كبيراً وليست “حفرة” يمكن القفز فوقها!

“غضب قواتي” لم يتمكنوا من إخفائه، بأن الرئيس عون قد خذل أحلامهم بإشعال فتنة بين اللبنانيين، وبأنه رئيس لكل لبنان وليس أحد قيادات لـ”القوات”!
أحبط رئيس الجمهورية أحلامهم وأمنياتهم، وخيّب آمالاهم بأن يعمل وفق “الأجندة القواتية”، المستوحاة من الرغبات الأميركية ـ الصهيونية، بإقصاء “حزب الله” سياسياً وعسكرياً، مؤكداً أن “حزب الله” مكون لبناني يشكل جزءاً من الشعب والدولة، وهو المدرك جيداً لحساسية المرحلة، لذا يتعامل معها بحذر شديد، ودقة عالية، ليتمكن من إيجاد حلّ بالتعاون، مع القيادة الشيعية، ينتشل لبنان من أزماته الحادة التي يغرق فيها، وأولها الحرب الإسرائيلية التي لم تنتهِ بعد.

وبين أحلام اليقظة لدى “القوات”، وواقع رئيس الجمهورية، ثمة حقيقة لا يمكن القفز فوقها، أن كل محاولات دق الإسفين بين الرئيس عون و”الثنائي الشيعي”، باءت بالفشل، ليس فقط بسبب دور الرئيس الواعي، بل أيضاً بسبب وعي قيادتي “الثنائي” المتمثلة بالرئيس نبيه بري والشيخ نعيم قاسم، اللذين مدّا يد التعاون منذ اللحظة الأولى لترشحه، بوصوله إلى سدة الرئاسة بأصوات “الثنائي الشيعي”، ولاحقاً بالتنسيق العالي معه.

قد بلع “الثنائي الشيعي” “موس” الإغتيالات اليومية، لأجل تجنيب لبنان أي حرب شاملة محتملة، ولإعطاء الفرصة للدولة اللبنانية لإحداث صدمة إيجابية في ملف وقف إطلاق النار، وتحقيق الأمن والأمان، إلا أن “القوات” لم تبلع حتى اليوم حسن العلاقة التي تجمع عون ببري و”حزب الله”.

مقالات ذات صلة