لائحتان في الحدت: معركة بين “حماة الأرض”

| رلى ابراهيم |

«ما تبيع أرضك! بس لتبقى فيا… صوّت صح». توحي هذه اللافتة التي تروّج لإحدى اللوائح المرشحة إلى الانتخابات البلدية في بلدة الحدت في قضاء بعبدا، وكأنها من صنع التيار الوطني الحر لناحية الشعار واللون والتصميم إلى جانب عبارة «صوّت صح» التي يعتمدها العونيون منذ عام 2005.

غير أنها في الواقع تسوّق لـ18 عضواً معظمهم (حتى اليوم) مقرّبون من «القوات اللبنانية» ويحمل بعضهم بطاقات حزبية، ضمن لائحة تطلق على نفسها اسم «إنماء الحدت».

اللائحة التي تستنسخ شعارات التيار، وتركّز على «التغيير»، لم تكلّف نفسها عناء تغيير الشعار… وربما الأعضاء. فـ«التغيير» الذي تعد به «إنماء الحدت» التي وضعت شعار «تداول السلطة» في رأس برنامجها، سيتم على يد رئيسها عبدو شرفان، وهو عضو بلدي منذ 26 عاماً. فقد شارك في المجلس الذي انتُخب برئاسة أنطوان كرم في دورتي 1998 و2004، قبل أن يترشح على لائحة جورج عون ضد كرم والكتائب والأحرار و«القوات» في دورتي 2010 و2016، لينقلب اليوم على عون ويشكل لائحة من «القوات» ومن يدورون في فلكها تحت عنوان أنه يريد بلدية «بتشبهنا».

وتضم اللائحة أيضاً المنسّق السابق للتيار الوطني الحر جوزيف ونيس الذي جنح إلى «الثورة» وترشّح على لائحة «كلنا وطني» في انتخابات 2018 النيابية التي نال فيها 300 صوت لا تكفي لتغيير البلد، فآثر العودة إلى البلدة حيث قد تكون المهمة أسهل. أما «حبّة كرز» اللائحة فتتمثل بدعوة رئيسها، في احتفال إطلاقها، الناخبين إلى تقاضي الرشوة، و«القبض منهم والتصويت ضدهم».

مع تاريخ شرفان في القفز من لائحة إلى أخرى، يبدو أن معراب اختارت دعم لائحته بشكل غير مباشر، فأصدر مركز الحدت في حزب «القوات»، في 8 الجاري، بياناً «ترك حرية القرار لمحازبيه ومناصريه باختيار من يمثّلهم حرصاً منه على العملية الديمقراطية واحتراماً للخصوصية العائلية». وهي المرة الأولى التي لا تدخل فيها القوات في معركة كسر عظم سواء بلدية أم نيابية في البلدة.

في مقابل لائحة «إنماء الحدت»، يرأس عون لائحة «تضامن شباب الحدت» التي غيّر فيها 7 من أصل 18 عضواً لأسباب مختلفة.

وتضمّ البلدة 14 ألف ناخب يتوزعون على 3 قرى: الحدت – سبنيه – حارة البطم. ويتوزع الناخبون طائفياً بين 9500 ماروني و2300 أرثوذكسي و1100 كاثوليكي و850 شيعياً و750 سنياً.

واقترع في الدورة الماضية نحو 6700 ناخب غالبيتهم من المسيحيين، بينما انخفض عدد المقترعين في الانتخابات النيابية إلى نحو ستة آلاف، ويُعزى ذلك إلى الهجرة، وإلى أن الانتخابات البلدية أهمّ للحدتيين من الانتخابات النيابية، نظراً إلى أن المتنافسين جميعاً من البلدة ويعرف بعضُهم بعضاً.

وفي السنوات الـ15 الماضية التي رأس فيها عون المجلس البلدي، ترك بصمات إنمائية واضحة في شوارع البلدة.

لكنّ الأهم للأهالي أنه وفى بشعار «ما تبيع أرضك ما رح نمضيلك» الذي أطلقه منذ عام 2010. وهو شعار له مؤيدون كثر يرون أنه منع تحوّل الحدت إلى حارة حريك أخرى، حيث رئيس البلدية مسيحي والناخبون مسيحيون فيما السكان جميعاً مسلمون.

وينفي هؤلاء إدراج الأمر في خانة «العنصرية»، سواء ضد المسلم أم السوريين الممنوعين من دخول البلدة منذ عام 2015، بل يصنّفونه كـ«إنجاز يُسجّل له بمنع بيع أهالي البلدة لأراضيهم وتشتّتهم».

أصحاب هذه النظرية يلفتون إلى أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة تنفي عن «الريّس» اتهامات العنصرية والطائفية، إذ استقبلت البلدة في «القسم المسيحي» 870 عائلة نازحة أو ما يقارب 4 آلاف شخص، كما عملت آليات البلدية يوم انتهاء الحرب على فتح كل الطرقات المُستهدفة بالعدوان الإسرائيلي وإصلاح الإنارة في «القسم المسلم» من نطاقها البلدي.

والحديث هنا عن «حدتين»: المسيحية الواقعة شرق طريق صيدا على طول خط بولفار كميل شمعون بمساحة تقارب 5.5 كلم مربّعة، والشيعية المؤلفة من الجاموس والكفاءات وحي الأميركان وحي أبو جودة والجامعة اللبنانية ومحيطها والمريجة وغيرها. ويقطن في القسم الأول 30 ألف مسيحي وفي القسم الثاني 80 ألف شيعي.

وطموح عون، كما ينقل أحد الأعضاء، هو «الحفاظ على العيش المشترك». أما معارضو «نهج» الرئيس، فيرون فيه مخالفة للدستور الذي يساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات وحرية التنقل والتملك في أي منطقة وشارع بعيداً عن حجج «الثبات في الأرض».

ويسأل هؤلاء كيف لرئيس البلدية أن يحدّد لابن الحدت المولود في نطاقها الجغرافي أين يقطن وكيف يعيش. غير أن هذه المسألة، على ما يبدو، لا تسبّب إحراجاً لرئيس البلدية الذي يعيد التأكيد عليها في برنامجه الحالي تحت عنوان «الدفاع عن الأرض والهوية».

error: Content is protected !!