| ناديا الحلاق |
بعد أكثر من سنة وثلاثة أشهر على إقرار مجلس النواب قانون إيجارات الأماكن غير السكنية، ظل هذا القانون معلقًا من دون نشر في الجريدة الرسمية، ما أثار جدلًا دستوريًا وقانونيًا واسعًا.
وكان مجلس النواب قد أحال القانون، من ضمن 14 قانونًا، إلى مجلس الوزراء لإصداره نيابة عن رئيس الجمهورية في ظل الفراغ الرئاسي، إلا أن رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، أصدر حينها مراسيم ردّ ثلاثة قوانين، من بينها قانون إيجارات الأماكن غير السكنية، إضافة إلى قانونين يتعلقان بصندوق تعويضات أفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة.
في مواجهة هذا التطور، تحرّكت نقابة المالكين، وتقدّمت بمراجعة أمام مجلس شورى الدولة للطعن في هذه المراسيم، كما رفع عدد من المالكين القدامى، وأساتذة متقاعدين، دعاوى تهدف إلى إبطال مراسيم الردّ وإلزام الحكومة بنشر القوانين، وعلى رغم صدور قرار إعدادي بوقف تنفيذ مراسيم الرد، إلا أنّ ميقاتي لم يتجاوب ولم يبادر إلى نشرها مكتفيًا ببيان يبدي فيه احترامه للقرارات القضائية.
يومها اجتمعت اللجان النيابية المشتركة برئاسة نائب رئيس المجلس الياس بو صعب وأصدرت أيضًا توصية بالنشر من دون نتيجة.
وبعد مرور أكثر من سنة، أصدر مجلس شورى الدولة تقريرًا بوجوب إبطال مراسيم الردّ ونشر القوانين في الجريدة الرسمية، ما أعاد القضية إلى الواجهة مجددًا.
في هذا السياق، أوضح نقيب المالكين باتريك رزق الله، أن النقابة “عقب صدور تقرير مجلس شورى الدولة، تحرّكت باتجاه رئيس الحكومة الحالي نواف سلام، مطالبةً بنشر القوانين الثلاثة في الجريدة الرسمية، كما أرسل مجلس النواب كتابًا إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء يطالب فيه بنشر هذه القوانين، ما وضع رئيس الحكومة أمام استحقاق دستوري وقانوني جديد لا يحتمل المزيد من التأجيل”.
وتابع رزق الله أنّه يوم الجمعة الماضي، أي قبل أربعة أيام تقريبًا، صدر بيان عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء أفاد أنه بعد تلقيها كتابًا من الأمانة العامة لمجلس النواب بوجوب نشر القوانين الثلاثة، طلب رئيس الحكومة، نواف سلام، تحويلها إلى الجريدة الرسمية لنشرها في أول عدد بعد عيد الفطر.
ما الذي ينص عليه قانون إيجارات الأماكن غير السكنية؟
ينص القانون على تحرير تدريجي لعقود الإيجار، يتراوح بين سنتين وأربع سنوات، حيث يُتاح للمالك خياران، إما التنازل عن الزيادات التدريجية على بدلات الإيجار، شرط استرداد المأجور بعد سنتين، أو تقاضي زيادات تدريجية على بدلات الإيجار، بحيث تبلغ 25% في السنة الأولى من قيمة بدل المثل، ثم 50% في السنة الثانية، و100% في السنة الثالثة والرابعة. وتُحتسب قيمة بدل المثل على أساس 8% من القيمة البيعية للمأجور.
وفق النقيب رزق الله هذا القانون “يمثّل حقًا للمالكين، خصوصاً بعد مرور 40 عامًا على الإيجارات القديمة، حيث لا تزال بدلات الإيجار تتراوح بين دولار ودولارين شهريًا، وهو أمر غير مقبول.” ويتابع أنّه “كان من المفترض أن يصدر هذا القانون بالتزامن مع قانون إيجارات الأماكن السكنية عام 2014، إلا أنه تأخر كثيرًا، ومنذ شهر يونيو 2022، أي منذ حوالي ثلاث سنوات، تعاني البلاد من فراغ قانوني فيما يتعلق بإيجارات الأماكن غير السكنية، ما يستوجب إنهاء هذا الوضع فورًا”.
وأردف النقيب رزق الله أنه “لا يجوز أن يستمر بعض التجار في تحقيق أرباح طائلة بالدولار على حساب المالكين، مع العلم أنّ الذين دفعوا “خلوات” لا تتجاوز 2.5% أو 3%، واستردوا قيمتها بعد 30 أو 40 سنة من الإيجارات شبه المجانية، مع استمرار توارث هذه العقود عبر الأجيال”.
وأكّد رزق الله أنه “من بين هؤلاء المستأجرين تجار الذهب والمجوهرات، كما ظهر في بيان اعتراضي صادر عن نقيب العاملين في هذا القطاع، إضافة إلى مؤسسات كبرى مثل شركات الاستيراد والتصدير والمصارف، التي تحقق أرباحًا كبيرة على حساب المالكين القدامى”.
وشدد النقيب رزق الله “على أنهم متمسّكون بحقهم في هذا الموضوع” داعياً جميع النواب إلى عدم الطعن في هذا القانون، لأن الواقع القائم حاليًا هو غير دستوري، حيث يضرب مبادئ أساسية في الدستور، بما في ذلك مبدأ المساواة، إذ لا مساواة بين المالكين والمستأجرين، ولا حتى بين المستأجرين أنفسهم في الأماكن غير السكنية، كما أن الوضع الحالي يتعارض مع العدالة الاجتماعية وحرية التعاقد، حيث لا يوجد سقف زمني للعقود، مما يؤدي إلى تأبيدها بشكل مخالف للدستور”.
ومعلوم أنّ القانون الجديد دُرِس من قِبل لجنة الإدارة والعدل، كما أبدت لجنة المال والموازنة رأيها بدستورية مواده، ومع ذلك فهناك اعتراضات عليه من لجان التجار ولجان المستأجرين والتي دخلت في حوار من دون نتيجة مع المستأجرين طيلة العام المنصرم وبدعوة من لجنة الإدارة والعدل.