من سيعتذر من لبنان وغزة؟

|مرسال الترس |

يرزت في المجتمعات الغربية في العقود القليلة الماضية، ظاهرة بين كبار المسؤولين فيها تدفعهم إلى الاعتذار عن القرارات التي اتخذوها أثناء توليهم للسلطة لأنها كانت كارثية على مصداقيتهم وشفافيتهم، قبل أن تكون كذلك على الشعوب التي شهدت إزهاق عشرات آلاف الأرواح وتدمير العديد من المعالم حتى الأثرية منها.

فوزير الدفاع الأميركي السابق كولن باول أعلن اعتذاراً علنياً على ما اتخذه من قرارات بشأن السلاح الكيماوي في العراق الذي لم يثبت وجوده، وأدت الحرب بحجة تدميره إلى سحق الحجر والبشر في بلاد الرافدين.

وأمر مماثل حصل مع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الذي رُفعت ضده قضايا قانونية لأنه لم يكن صادقاً مع شعبه عندما أدخل بلاده في أوحال العراق.

وبالتأكيد سيظهر في أوقات لاحقة الكثير من الخبايا والخفايا من ذاك التحالف الدولي الواسع (نحو ثمانين دولة) في الحرب على سوريا لمدة عقد من الزمن، قبل أن تنتهي الأمور إلى قلب المشهد رأساً على عقب بعيداً عن كل التفسيرات المنطقية.

الواضح في كل هذه المشاهد أن العدو الاسرائيلي هو المستفيد الأول والأخير، وهو الساعي إلى تغيير وجه الشرق الأوسط، كما أعلن رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو جهاراً من على منبر الأمم المتحدة، ومن دون أن يعتذر من أحد على كل الجرائم التي ارتكبت في قطاع غزة ولبنان.

ربما سيظهر، غداً أو بعده، أحد المسؤولين في إدارة الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأميركية جو بايدن، أو سلفه الحالي دونالد ترامب، من الذين اتخذوا القرارات “المجرمة” بحق قطاع غزة الذي دفع عشرات آلاف الشهداء وآلاف المفقودين ومئات آلاف المشردين على رمال ذلك الشاطئ، (الأرقام الرسمية تتحدث حتى الآن عن أكثر من خمسين ألف شهيد ومئة وعشرين ألف جريح وأرقام مجهولة عن المفقودين الى جانب تدمير ثمانين بالمئة من مباني القطاع)، ليفضح بعض الحقائق المخبأة حول صوابية القرارات التي اتخذت، إن لجهة حجم الأسلحة ونوعيتها التي تم تزويد الكيان الاسرائيلي بها، أو لجهة الدعوة لإفراغ القطاع من أهله نهائياً لتحويله إلى “ريفييرا” المتوسط كما تمنى ترامب. واستجراراً لما حصل على الجبهة اللبنانية، وما يحضر لبلدنا الصغير من خطط مخفية.

وبين هذه وتلك، يبقى أمام أعيننا السؤال الكبير: من سيعتذر من لبنان على ما شهده من حروب وويلات وأزمات طوال عقود وعقود لينتهي الأمر بوفاق وتوافق بين السياسيين؟