| ناديا الحلاق |
بلغت أزمة الإيجارات غير السكنية القديمة ذروتها، بعد أن طرح رئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشماس مبادرة بزيادة البدلات بمعدل 20 ضعفاً، الأمر الذي استفز المالكين، وساهم في تعقيد أزمتهم أكثر فأكثر، حتى دخلت خط التجاذبات بين الطرفين، خصوصاً أن مجلس الوزراء، وفي إطار ممارسته لصلاحيات رئيس الجمهورية، كان قد ردّ مطلع العام الجاري قانون تحرير إيجارات الأماكن غير السكنيّة.
وينص القانون على تحرير العقود القديمة (ما قبل 23/7/1992) بعد 4 سنوات، على أن يتمّ رفع البدلات تدريجيّاً خلال هذه الفترة حتى تصل إلى 8% من قيمة المأجور. وقد منح القانون المالك إمكانية تقصير فترة التّمديد إلى سنتين في حال تنازله عن حقّه بالزّيادات التّدريجية. ويلحظ أنّ هذه العقود تشمل مجمل عقود الإيجار لممارسة التجارة أو الصناعة أو أيّ مهنة حرّة منظّمة بقانون أو مهنة حرفيّة أو أيّ نشاط آخر غير سكني. كما يلحظ القانون إمكانية استرداد المأجور قبل انتهاء المدة في حالات معينة، مقابل تعويض يصل إلى 15% من القيمة البيعية للمأجور.
فهل طرح “شماس” يعني “احتلال” الأبنية غير السكينة؟
يؤكد شماس لموقع “الجريدة أن “القطاع التجاري يتمسّك بالبنية القانونية القائمة للإيجارات غير السكنية”، ويقترح مضاعفة بدلات الإيجارات الراهنة مرحلياً، “كي لا يلحق بالشركات والمؤسسات التجارية أضرار وجودية”، وفي الوقت نفسه “تُعطي الصيغة المرتجاة للمالكين حقوقهم ضمن الإمكانيات المتوفّرة في ظل الأزمة الراهنة، فتكون الصيغة المقدّمة منصفة للمالكين القدامى وعادلة للمستأجرين”.
كما يلفت شماس إلى “ضرورة التمسّك بمبدأ الخلو التجاري، وبكل ما يعطيه هذا الخلو للمستأجر من حقوق قانونية. أما فيما يتعلّق بالإيجارات غير السكنية السابقة للعام 1992 والمقوّمة بالليرة اللبنانية، فيقترح مضاعفة البدلات المعمول بها حالياً 20 مرة (للطابق الأرضي)، على أن تسري إبتداءً من 1/1/2024. وتحاكي هذه الزيادة الكبيرة المادة 36 من قانون موازنة 2024 لجهة زيادة القيمة التأجيرية للبلديات ما بين 10 أضعاف (سكني) و20 ضعفاً (تجاري).
وعليه، يشدد شماس على “ضرورة أن يتقبل أصحاب الأبنية غير السكنية الموضوع وينظروا إليه بحسن النية، للتوصّل إلى تسوية إجتماعية منصفة تكون الأولى من نوعها في لبنان”.
أما بالنسبة للماكين، فيعتبر رئيس نقابة المالكين باتريك رزق الله أن “مبادرة لجان التجار مرفوضة، والمطلوب نشر القانون النافذ في الجريدة الرسمية، إذ لا يجوز أن يصوّت مجلس النواب على قانون بعد 40 سنة من الظلم، ثم يأتي رئيس حكومة تصريف الأعمال، وبمخالفة دستورية واضحة، ويعيده إلى مجلس النواب”.
وتابع “تقدمنا بشكوى أمام مجلس شورى الدولة بانتظار صدور قرار نهائي عنه بإعلان بطلان مرسوم الرد، وبالتالي نشر القانون في الجريدة الرسمية إحقاقا للحق والعدالة”.
ويتساءل رزق الله: ” كيف يدفع 87 ألف مستأجر قديم لغير السكن بدلات جديدة للإيجار، فيما يتمسك 24 ألفًا وبالقوة، بالقانون القديم الذي انتهى؟ لماذا يدفع مستأجر 400 و500 دولار شهرياً، فيما يدفع المستأجر القديم دولارين أوثلاثة دولارات في الشهر؟ هل المسألة سلبطة واحتلال؟ والمستغرب أنّ المستأجر يبيع وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء ويدفع وفق القديم!”.
ويرى رزق الله أن “الجشع أعمى قلوب المستأجرين، والطمع جعلهم يتحولون إلى محتلين”، مؤكداً أن المالكين “متمسكون بالقانون الجديد ولا شيء سواه، خصوصاً بعد الحوار الذي جرى في مجلس النواب وأنتج شبه اتفاق على بنود تتعلق ببدل المثل وتمديد السنوات والخلو، ليتراجع بعدها التجار عن موقفهم مخترعين بدعة الديمومة والاستمرارية. وإذا أرادوا هذه الديمومة، فليشتروا محلاً أو مكتباً لتصبح لهم الديمومة من مالهم وليس من مال المالكين وأملاكهم”.
وذكّر رزق الله “المستأجرين ولجان تجارهم بأن القانون القديم انتهى في حزيران 2022، وأننا في فراغ قانوني نتيجته استرداد المأجور بشكل حتمي، فإما القانون الجديد أو الموجبات والعقود، ولن نقبل بحلّ آخر، ولن يكون هناك حلّ على حسابنا بعد اليوم، يكفي إيجارات مجانية لأربعين سنة!”.