مع استمرار عمليات تبادل الأسرى التي تتمثّل في دفعتين هذا الأسبوع، إحداهما اليوم والثانية بعد غد، اتجهت الأنظار إلى المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة في قطاع غزة التي تبدأ المفاوضات بشأنها في اليوم الـ 16 من تنفيذ الاتفاق، الثلاثاء المقبل، وهي المرحلة الأصعب باعتبار أن ثمة في إسرائيل من يطالب، بعد انتهاء المرحلة الأولى التي تستمر 42 يوماً، باستئناف الحرب على القطاع، وهو ما تسعى واشنطن إلى تجنّبه، وكان موضع بحث بين رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ويُتوقّع أن تتضح وجهته في اللقاء بين نتنياهو والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منتصف الأسبوع المقبل.
وقام ويتكوف الذي وصل إلى إسرائيل من السعودية، حيث أجرى محادثات مع مسؤولين سعوديين، في ظل حديث عن إمكانية إعادة إحياء مسألة التطبيع بين الرياض وتل أبيب، كـ «هدية» من ترامب لنتنياهو لإقناعه بعدم استئناف الحرب، بجولة على حاجز «نتساريم» لمعاينة تنفيذ الاتفاق، قبل أن يلتقي الأخير لبحث مفاوضات المرحلة الثانية. وجرت الزيارة إلى «نتساريم» بعد تنسيق أمني بين مصر وإسرائيل، حيث أبلغت الأولى، «حماس» بموعد الزيارة، لـ«تجنّب أي أعمال توتّر بالقرب من المحور أو تواجد لعناصر مسلحين يتبعون للمقاومة»، على حدّ قول مصادر مصرية لـ»الأخبار».
ونقل موقع «واينت» عن مسؤولين إسرائيليين تعبيرهم عن قلقهم من «تأثير قطري محتمل» على المبعوث الأميركي، بسبب العلاقات التجارية الواسعة له مع الدوحة، التي اشترت عام 2023 فندقاً في نيويورك من مجموعة عقارية يقودها ويتكوف بمبلغ 623 مليون دولار. واعتُبرت الصفقة إنقاذاً للمجموعة التي كانت تواجه تحديات مالية.
أما في ما يتعلق بطرح ترامب حول تهجير فلسطينيّي القطاع، كبديل لاستئناف الحرب، فتبدو الفكرة متعثّرة بسبب رفضها من الدولتين الرئيسيتين اللتين سمّاهما ترامب، مصر والأردن، كوجهة للتهجير، نظراً إلى التهديدات التي يمثّلها الطرح على أمنهما، إذ أكّد الملك الأردني، عبدالله الثاني، أمس، بعد اتصال هاتفي أجراه به الرئيس الأميركي لإقناعه بالفكرة، موقف عمّان «الراسخ بضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم». وكذلك فعل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي اعتبر بعد اتصال مماثل من ترامب، أن التهجير القسري لسكان غزة «ظلم لا يمكن أن نشارك فيه».
وأشاد رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، بموقفَي مصر والأردن، معتبراً أن «شعبنا أسقط مخطّطات التهجير»، فيما نقلت القناة 12 العبرية عن ويتكوف قوله في هذا الخصوص إنه «إذا كانت مصر والأردن يرفضان حل ترامب بترحيل سكان قطاع غزة إلى الخارج، فعليهما عرض حل بديل».
وفي ما يتعلق بتبادل الأسرى، قال مكتب نتنياهو في بيان إن ثمانية أسرى هم ثلاثة إسرائيليين وخمسة تايلانديين سيتم إطلاق سراحهم من غزة اليوم. وأوضح إن الإسرائيليين الثلاثة هم أربيل يهود (29 عاماً) وأغام بيرغر (20 عاماً) وغادي موزيس الذي يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والألمانية ويبلغ عمره 80 عاماً.
وذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق الاحتلال سراحهم اليوم في المقابل، موزعون كالتالي: 30 أسيراً محكومون بالمؤبّد و20 آخرون محكومون بمدد مختلفة مقابل المجندة بيرغر، و30 قاصراً وامرأة مقابل الأسيرة يهود، و30 أسيراً منهم 27 محكومون بمدد مختلفة، و3 محكومون بالمؤبد، مقابل موزيس.
وكذلك، من المتوقع أن تفرج المقاومة عن ثلاثة إسرائيليين رجال أحياء في جولة تبادل أخرى بعد غد، إلا أن مكتب نتنياهو لم يعلن أسماءهم بانتظار إبلاغ عائلاتهم غداً. ولم يتم بعد الإعلان عن عدد الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم في المقابل.
وأعادت إسرائيل إثارة قضية عائلة بيباس التي أُسرت في السابع من أكتوبر، وأعلنت «حماس» في تشرين الثاني 2023 أن ثلاثة من أفرادها هم الأم شيري والطفلان أرييل وكفير، قُتلوا في غارة إسرائيلية على القطاع، وهو ما «شكّك» فيه جيش الاحتلال في حينه. ونقل موقع «واينت» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن تل أبيب طلبت من الوسطاء أجوبة رسمية واضحة حول مصير أفراد تلك العائلة. ومن المقرر أن يتم الإفراج عن الزوج يردن بيباس الذي خُطف بشكل منفصل في اليوم نفسه، في وقت لاحق من مرحلة التبادل الأولى.
واتهمت «حماس» إسرائيل بتأخير دخول المساعدات إلى قطاع غزة، محذّرة من أن ذلك قد يؤثر على تنفيذ الاتفاق وإطلاق سراح الأسرى. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن قيادي في الحركة القول إن إسرائيل تعطّل «إدخال الوقود والخيام والكرفانات والمعدات الثقيلة»، مطالباً «الوسطاء بإلزام الاحتلال بتطبيق الاتفاق وعدم خلق أزمات».
وفي القاهرة، اجتمع وفد من «حماس» مع مسؤولين من المخابرات المصرية، وفق مصادر قالت لـ«الأخبار». وفي الوقت نفسه، أجرى مسؤولون مصريون اتصالات مع نظرائهم في قطر وتركيا لمناقشة العديد من «التفاصيل الخاصة» التي من شأنها أن تدعم «تماسك» اتفاق وقف إطلاق النار وعدم انهياره مع بدء تطبيق المرحلة الثانية. كما أجرى هؤلاء اتصالات مع الجانب الأميركي، للتأكيد على ضرورة «الالتزام الإسرائيلي بتطبيق كل مراحل الاتفاق»، لافتين إلى أن «انهيار الاتفاق، حتى في حال عودة جميع الأسرى الإسرائيليين، لن يكون في صالح أحد».
وبالإضافة إلى مساعيها لتكثيف المساعدات الداخلة إلى قطاع غزة، من المرتقب أن تستقبل مصر اليوم، 11 أسيراً فلسطينياً مبعداً من أصحاب المؤبّدات.
وفي وقت أبلغت فيه مصر، إسرائيل، بأن أعداد الأسرى الإسرائيليين الأحياء يتجاوز حتى الآن 60 أسيراً، وهو ما يعني مبادلتهم بعدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية، لا تزال المقاومة تسعى لتحديد تفاصيل وضعية العشرات من الأسرى الإسرائيليين بشكل دقيق، من خلال التواصل مع المسؤولين عنهم.