تصوير عباس سلمان

ماذا ستقول الحكومة للبنانيين بعد 15 شهراً؟

| مرسال الترس |

شريحة كبيرة من اللبنانيين، الذين عجنتهم وخبزتهم الأزمات التي مرّت على بلادهم في العقود الخمسة الماضية، وقفت مصدومة أمام كمّ الوعود التي أطلقها رئيس الحكومة نواف سلام ووزراؤه الذين يخوضون التجربة للمرة الأولى، وكأنهم يحملون بين أيديهم تلك “العصا السحرية” التي تحوّل الهباء إلى قصور في غفلة من العين. ولعلهم هبطوا على بلاد الأرز بقدرة قادر، ولم يعش أي منهم ما عاناه هذا الوطن من ممارسات العديد من المسؤولين والوزراء الذين تعاقبوا خلال المراحل الماضية وتركوا وراءهم الويلات من دون أن يرف لهم جفن.

فقد سمع اللبنانيون آلاف التصريحات والمواقف عن طاقة كهربائية ستصلهم 24 ساعة على سبعة أيام، ولم يحصدوا سوى تحكّم أصحاب المولدات ومن يقف خلفهم بالفواتير التي كوتهم وكأنهم يتلمسون “طاقة نووية” بأيديهم!

وداخ أهل الوطن بكمّ الفوائد الضخمة التي وُعدوا بها جراء إئتمان المصارف على مدخراتهم، وفوجئوا بين ليلة وضحاها أنهم يقفون أمام آلات سحب الأموال مذلولين في الحرّ والقرّ ليحصلوا على فتات ما جنوه بأتعابهم ومغترباتهم، لأن المسؤولين في الدولة سمحوا لأنفسهم بهدر ما استطاعوا إليه سبيلا.

وذرف المرضى في الوطن دموعاً على أبواب المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية، ليحصلوا على هذا الدواء أو ذاك، لأن مسؤوليهم ووزراءهم لم يتمكنوا في العقود الستة الماضية من التوصل إلى صيغة مظلّة صحية تحميهم من غدر الزمان، أو من ضمان اجتماعي عمل فعلاً على تأمين حدٍ أدنى للاستمرار في تقديم السند الملائم لهم عندما جارت الأيام.

ولأن أهل الوطن وقفوا متحسّرين على مستقبل أبنائهم وراء جبال النفايات وأنهارها، لأن مسؤوليهم ووزراءهم لم يجدوا الوقت أو الأموال المناسبة لإنشاء المحارق الصحية أو الأفران المتطورة، بدل تلك المشاهد المقززة التي تجعلهم طفيليين أمام أنظار العالم المتحضّر أو الذي حوّل الصحراء إلى “جنة”.

فيا ليت الرئيس سلام ووزراؤه “الأشاوس” تركوا مؤتمراتهم الصحفية إلى ما بعد 15 شهراً التي سيقضونها في الحكم، ليخبروا الشعب اللبناني ـ الذي ينتظر الترياق من بلاد “الواق واق” ـ عن “الانجازات” التي تمكنوا من تحقيقها من دون أن يمنعهم أحد من ذلك، فبالتأكيد كان اللبنانيون سيصفقون لهم بقوة، ولو على حفنة بسيطة مما استطاعوا تحقيقه، بدل غرقهم في الأوهام التي سترتد على من أطلقها لعنات، كما حصل مع من سبقهم.