مقدمات نشرات الاخبار المسائية ليوم الثلاثاء 18/6/2024
الوضع الحدودي دقيقٌ جداً بل في غاية الخطورة. هذه الجملة لأموس هوكستين تختصر سببَ زيارتِه السريعة إلى إسرائيل ولبنان، بقدر ما تختصر الواقع القائم في الجنوب. صحيح أنّ الموفد الأميركيّ لم يحمل جديداً على صعيد المضمون، فالرسالةُ هي إياها، لكنَّ الشكل هو ما بدا مختلفاً هذه المرة. إذ إنّ هوكستين بدا أكثرَ حزماً وأكثرً جديةً وهو يُحذّر المسؤولين اللبنانيّين من خطورة نيّات نتانياهو، وأنّ الأخير قد يصل إلى مرحلة لا يستمع فيها لا إلى النصائح الدوليّة ولا إلى التحذيرات الأميركيّة من خطورة فتحِ الجبهةِ الجنوبيّة. إضافة إلى الرسالة الواضحة والمعلَنة للموفد الأميركيّ، فإنَّ زيارة هوكستين حملت رسالةً مبطّنة. إذ إنّ بدءَ زيارةِ هوكستين، للمرة الثانية على التوالي، بلقاء قائدِ الجيش في اليرزة يحمل أكثرَ من دلالة ومعنى. إجابة حزبِ الله على تحذيرات هوكسيتن لم تتأخر. فهو عرض في فيديو مُدَّتُه تسع دقائق مشاهدَ استطلاعية غير مسبوقة لحيفا، وذلك في رسالة عن بنك أهدافٍ يملكُها في وجه التهديداتِ الإسرائيليّة. وعصراً ردَّ وزيرُ الخارجيةِ الإسرائيليّة، فأكد أنَّ الجيش اقترب بشدة من تغيير قواعدِ اللعبة ضدَّ إسرائيل، وأنه سيتمُّ تدميرُ لبنان إذا اندلعت حربٌ شاملة.
هل زال خطرُ هجومٍ اسرائيلي وشيك على لبنان؟
الجواب ليس حاسماً بعد، وإن كانت وتيرة الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة منذ أشهر، تؤكد المؤكد، بأننا فعلاً في قلب الحرب، لا قبلَها، وأنَّ لبنان في كل الاحوال ليس خائفاً منها، وهي الرسالة التي اوصلها حزب الله اليوم بوضوح، تزامناً مع زيارة الموفد الاميركي، عبر نشر الاعلام الحربيّ التابع للمقاومة فيديو لطائرة مسيرة تابعة له، تصور المناطق الحساسة والمخازن الكيميائيّة والمستوعبات النفطية والميناء في مدينة حيفا في فلسطين المحتلة.
فالزيارة السريعة لآموس هوكستين استُهلَّت من قيادة الجيش، واختُتمت في وزارة الخارجية، وشملت رئيسي مجلس النواب وحكومة تصريف الاعمال. اما الحديث عن نقل تهديد اسرائيلي للبنان فليس دقيقاً، وفق مصادر الرئيس نجيب ميقاتي، التي اكدت لل او.تي.في. ان العمل جار لمنع الانزلاق، فيما اكتفت مصادر الرئيس نبيه بري بالاشارة عبر ال او.تي.في. الى ان الموفد الاميركي اتى في اطار التسويق لطرح الرئيس الاميركي جو بايدن.
اما في الداخل الاسرائيلي، فالتخبط في الذروة، حيث وصل الامر برئيس الوزراء الاسرائيلي الى حد التحذير من حرب داخلية في قلب اسرائيل، حيث قال: “اسرائيل تقاتل على جبهات عدة ويجب ألا تحصل حرب أهلية عندها”.
وجدد نتنياهو توجيه الرسائل الى واشنطن، مستشهداً بمناشدة رئيس الحكومة البريطانية ونستون تشرتشل لها خلال الحرب العالمية الثانية، قائلاً: “أعطونا الأدوات ننهي المهمة أسرع بكثير”. واعتبر نتنياهو ان ثمن الحرب باهظ، ليضيف: “إما نحن أو ممثلو محور الشر الذين يريدون تدميرنا”.
هوكستاين يستطلع برًا، الهدهد يستطلع جوًا:
أكثر من أي وقت مضى، بات التلازم بين مساري رفح وجنوب لبنان قائمًا: إسرائيل لا تعدِّل في خططها لانهاء معركة رفح، حزب الله يربط الوضع في جنوب لبنان وشمال إسرائيل بما ستؤول إليه معركة رفح. بين هذه الألغام تنقَل الموفد الأميركي آموس هوكستاين بين تل أبيب وبيروت.
حمّلَ الإسرائيليون هوكشتاين رسالةً مفادها ان تل ابيب ستحسم قرارها بشان شن حرب على لبنان او الاستمرار في المساعي الدبلوماسية، بعد حوالي اسبوعين، اي مع انتهاء عملية رفح.
ومن بيروت أعلن هوكستاين “أننا نمرّ بأوقاتٍ خطيرة ولحظاتٍ حرجة ونحن نعمل معاً لنحاول أن نجد الطرق للوصول إلى مكان نمنع فيه المزيد من التصعيد”.
وشدد على وجوب الوصولُ الى تهدئةِ على الجبهة الجنوبيّة، وهي قابلة للتطبيقِ على الرَغم من التصعيدِ الاخير. لكن وفي حال فَشَلِ المسعى الدبلواسيّ، فالامور سوفَ تتدهورُ وتذهبُ نحو حرب، حزب الله دخل بقوة على خط الرسائل: الاعلام الحربي للحزب عرض مشاهدَ استطلاع جوي، لمناطق شمال اسرائيل عادت بها مسيرة أطلق عليها إسم “هدهد”.
وقد شملت المشاهد التي بثها مواقع سماها “بنك الأهداف” في شمال اسرائيل. اسرائيل لم تعلِّق سياسيًا، بل عبر الإعلام، على الفيديو الذي وزعه حزب الله والذي قدَّم له بحملة دعائية معلنًا عن أنه سيبث فيديو في غاية الأهمية. الأمين العام لحزب الله يطل عصر غد في ذكرى أبو طالب.
“الاتفاق المقترح بخصوص غزة يُعطي فرصة لإنهاء الصراع على جانبي الخط الأزرق …”.
تلك هي المعادلة – الفصل التي تُعَدُّ أقصر الطرق للتهدئة على الحدود اللبنانية – الفلسطينية والتي نطق بها الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين خلال زيارته الرابعة لبيروت منذ بدء عملية طوفان الأقصى.
أبرز محطات هذه الزيارة كانت كالعادة عين التينة حيث اجتمع الرئيس نبيه بري مع الموفد الأميركي لمدة ساعة وعشر دقائق. وبحسب ما صرح هوكستين بعد اللقاء فإن حل الصراع سياسياً وبسرعة ممكن وضروري وفي متناول اليد وهو لمصلحة الجميع. وإذا كان ما سلَّم به عن ان “وقف اطلاقٍ للنار في غزة يُنهي الحرب” على الحدود الجنوبية فإن اعلان هذا الموقف من لبنان أمر مهم فهل يهتدي به العدو ويوقف عدوانه على غزة؟.
وإلى مقر الرئاسة الثانية عَرَّج الموفد الأميركي على دارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في بيروت وعلى اليرزة حيث مكتب قائد الجيش العماد جوزف عون العائد من زيارة الى الولايات المتحدة.
أما زيارة هوكستين الى تل أبيب في مستهل جولته الحالية في المنطقة فأحيطت نتائجها بكتمان رسمي عوَّضت عنه وسائل الاعلام العبرية بتقارير متناقضة. إذ سوّق بعضها لتهديدات اسرائيلية الى لبنان على قاعدة: إما انسحاب المقاومة الى ما وراء الليطاني أو الحرب فيما نقلت أخرى تحذيرات اميركية لإسرائيل من مغبة الإقدام على اي مغامرة عسكرية واسعة في لبنان. لكن “ميني مغامرة” تبدو قائمة في الميدان من خلال الاعتداءات الاسرائيلية التي استؤنفت بعد انحسارٍ قصير في عيد الأضحى بما فيها الاغتيالات.
في المقابل استأنفت المقاومة عملياتها وكانت الباكورة هجوماً بمسيّرة انقضاضية استهدف دبابة ميركافا في موقع حدب يارين. تزامناً أطلق الاعلام الحربي إعلاناً تحت شعار (ترقبوا ما رجع به الهدهد) وهو الاعلان الذي اعتبرته وسائل الاعلام العبرية مثيراً للاهتمام … ويتضمن تصويراً دقيقاً ومسحاً شاملاً لأهداف في الأراضي المحتلة تم تصويرها عبر طائرة مسيّرة تدعى الهدهد.
والى قطاع غزة حيث ارتكبت قوات الاحتلال مجازر جديدة في مخيمي النصيرات والبريج كانت حصيلتها اكثر من عشرين شهيداً وعشرات الجرحى. وفي الوقت نفسه واصل جيش العدو توغله في رفح حيث تدور معارك ضارية مع المقاومة.
وفي هذا الشأن تحدث الاعلام العبري عن يوم من اصعب أيام القتال في القطاع مشيراً الى إجلاء العديد من الجنود المصابين. هذا المأزق الذي يواجهه العدو في الميدان يوازيه مأزقٌ في السياسة يعصف بالإسرائيليين وحكومتهم.
فبالإضافة الى التظاهرات اليومية المنادية برحيل الحكومة اندلعت مشكلة جديدة بين رئيسها بنيامين نتنياهو والجيش الى جانب المشاكل الأخرى بين نتنياهو وكل من بيني غانتس و(غادي ايزنكوت).
وفي سياق متصل اعلنت المعارضة (اسبوع المقاومة) ضد الحكومة التي وصفها يائير لابيد بالمجنونة.