| غاصب المختار |
أطاح العدو الإسرائيلي بكل أجواء التفاؤل التي تم تسريبها عن تقدم في مفاوضات وقف الحرب، والتي أجراها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في بيروت وفلسطين المحتلة، وهي التسريبات التي طالما روّج لها الإعلام العبري بدفع من بعض المستويات السياسية في كيان الاحتلال الإسرائيلي، وحتى في الإدارة الأميركية، بهدف طمأنة لبنان شكلاً، بينما يُضمرمزيداً من التصعيد، ثم عبّر عنه علناً خلال وجود هوكشتاين في تل أبيب رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو ووزير الحرب ورئيس الأركان بأن “الحرب مستمرة حتى تحقيق جميع أهدافها”، والتي باتت معلنة، سواء في ورقة هوكشتاين أو عبر مواقف قادة الاحتلال.
وإذا كان العدو الإسرائيلي قد أعلن مراراً، على لسان كبار مسؤوليه، أنه سيفاوض لبنان “تحت النار” لدفعه إلى قبول شروطه، فهو اعتمد لذلك مسارات عسكرية تدميرية بالغارات الواسعة غير المسبوقة في كل حروبه على المناطق اللبنانية كافة، وبالعملية البرية التي مكّنته من تحقيق بعض التقدم على الأرض في القرى الحدودية الأمامية طمعاً بالوصول إلى مجرى نهر الليطاني للضغط أكثر على لبنان الرسمي وعلى “حزب الله”، وهو أمر لم يكن سهلاً عليه نسبة إلى الخسائر التي تكبّدها جيشه.
وإذا لم يكن مستغرباً جداً هذا التواطؤ السياسي الضمني، والعلني أحياناً، بين الإدارة الأميركية الحالية والإدارة قيد التشكيل للرئيس المنتخب دونالد ترامب مع الكيان الإسرائيلي، فإن المستغرب صمت الإدارتين على المجازر التي يرتكبها العدو في مناطق مدنية بعيدة عن خطوط الجبهة الجنوبية، وغضّ النظر عن استهدافه العاصمة بيروت أكثرمن مرة، ومواصلة تزويده بكل أسلحة القتل والدمار التي يحتاجها بحربه على لبنان، على الرغم من كلام الرئيسين الحالي والمنتخب عن المسعى “لتحقيق استقرار وازدهار لبنان”.
هذا الأمر بات يستدعي، ليس مجرد تصلّب سياسي في موقف لبنان من بنود مسودة التسوية التي يروّج لها هوكشتاين، بل المطلوب ولو مجرد تلويح، خطوات وإجراءات سلبية توقف الدعم الأميركي للحرب عند حدّه، ولا بأس هنا من مقاطعة استقبال هوكشتاين فترة من الوقت، كتعبير عن الغضب اللبناني من الانحياز الأميركي وعدم ممارسة الضغط اللازم والكافي على الكيان الإسرائيلي لوقف مجازره، وعدم استقباله قبل وقف إطلاق النار الشامل، أو وقف تدفق السلاح إلى جيش الاحتلال، والأميركي قادر على ممارسة هذا الضغط لو أرادأ لدفع قادة الكيان إلى مفاوضات هادئة لا ساخنة. لكن يبدو أن هوكشتاين، وبدفع من الإدارة لأميركية، موافق على التفاوض تحت النار، ما استدعى رداً من المقاومة بالتفاوض تحت النار عبر تصعيد القصف على وسط تل أبيب وغيرها من مناطق أبعد جنوب فلسطين المحتلة.
ومع هذه التطورات والمواقف السلبية الإسرائيلية، قالت مصادر نيابية في كتلة “التنمية والتحرير” لموقع “الجريدة” إنه بعد مغادرة هوكشتاين بيروت وتل أبيب “لم يحصل أي تطور سياسي جديد، والأمورما زالت تراوح مكانها بانتظار أي خطوة جديدة يمكن أن يقوم بها هوكشتاين، إذا ارادت الإدارة الأميركية خفض السقوف الإسرائيلية.
أما “حزب الله”، فقد ترك مسار التفاوض للميدان تماماً كما تريد “إسرائيل”. وعلى وقع هذا التصعيد، يتأكد أن نتنياهو لا يريد تسليف إدارة بايدن أي موقف إيجابي، وينتظرتسلم ترامب مهامه دستورياً ورسمياً أوائل كانون الثاني من العام المقبل، وبعدها يُبنى على الشيء مقتضاه. وبالانتظار، يسيل دم اللبناني المدني برضى أميركي.