يبدو أن العديد من الشعوب العربية باتت تشبه مدينة القدس المحتلة، حين قال عنها السيد المسيح في الإنجيل المقدس لدى الطوائف المسيحية عبر “انجيل متى”: “أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها…”. فكلما أتت شخصية لتحرّر هذه الشعوب وترفع عنها المظالم، وتفتح لها أبواب السيادة المطلقة، تلعب الخيانة دورها الخبيث، فتوقعها في فخ عدم الثقة بمن يحومون حولها، فتضطر إلى تجرع الكاس المرّة حتى الثمالة.
رئيس جمهورية مصر العربية في العام 1956 جمال عبد الناصر، الذي هدرت الشعوب العربية وراء خطبه وشخصيته من المحيط الى الخليج، عاجلته المنية في العام 1970 في ظروف لفّ الكثير من وقائعها الغموض، وهو ابن الاثنتين والخمسين عاماً، ليخلفه نائبه أنور السادات الذي وقّع في العام 1979، أي بعد تسع سنوات على رحيل عبد الناصر، “اتفاقية كامب دايفيد” للسلام بين مصر و”إسرائيل” برعاية أميركية، إثر حرب خاطفة في العام 1973 بين البلدين، تخللها الكثير من علامات الاستفهام والتعجب!
بعد نحو عقدين ونيّف على غياب الرئيس المصري الرمز، ظهرت في لبنان شخصية عمّقت حضورها في أذهان اللبنانيين والعديد من الشعوب العربية والعالمية، هو السيد حسن نصرالله الذي تسلم الأمانة العامة لـ”حزب الله” في العام 1992، بعد عشر سنوات على إطلاق التنظيم، إثر احتلال العاصمة اللبنانية من قبل جيش العدو، وجاء خلفاً لسلفه السيد عباس الموسوي الذي استشهد بغارة لطائرة اسرائيلية في إحدى المناطق الجنوبية.
استطاع السيد نصرالله، خلال عقد ونصف من الزمن، الدخول الى كل وجدان مقاوم على صعيد العالم، بعد قيادة الحزب في إجبار جيش الاحتلال الاسرائيلي على الانسحاب من لبنان في العام ألفين، حتى بات اسم “السيّد” على كل لسان عربي وأجنبي، على خلفية أن ما حققته المقاومة في لبنان عجزت عنه عدة جيوش عربية خسرت حروباً أمام “الجيش الاسرائيلي” الذي كان يعتقد أنه الجيش الذي لا يُقهر، وأن ترتيبه هو الخامس بين الجيوش في العالم لجهة التسليح والقوة.
ثم استطاع “حزب الله” تحقيق توازن في الحرب على هذا الجيش عام 2006، وبات الجميع ينتظر ما يمكن أن يحققه الحزب في أي مواجهة لاحقة نظراً للقوة الصاروخية التي يمتلكها، والخبرة العسكرية التي حققها مقاتلوه أثناء المشاركة في مواجهة الحرب العالمية على سوريا.
اليوم، يتذكّر اللبنانيون والعديد من الشعوب العربية وعلى مساحة الكرة الأرضية، الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، في كل لحظة، جراء غارات غير مسبوقة للطيران الحربي، لجهة حجم وعدد القنابل الأميركية الصنع الخارقة للتحصينات، على مناطق ضاحية بيروت الجنوبية، حيث يعتقد المتابعون لسياق الأحداث، أن الرجل المميز جداً، ليس على صعيد لبنان وإنما على صعيد الكثير من دول العالم، قد تعرض لـ”خيانة ما”، قد يتم يوماً كشف حيثياتها، وعما اذا كانت داخلية أم خارجية… بانتظار شخصية ثالثة قد تأتي غداً، وقد لا تظهر بعد مئة عام!