|سوسن صفا |
عند الفجر عدنا.. وضّبنا جراحنا على عجل.
عند الفجر عدنا إلى حيث لم نغادر.. فالأرض التي سكناها، سكنتنا، ولم تغادر أرواحنا…
هي.. هي…
الأرض التي تيممنا بترابها، عدنا لنصلي فيها عند موعد الآذان.
عدنا إلى حيث يطلع الصباح…
إلى التراب المجبول بدماء الشهداء، وعرق المجاهدين الذين لم يبخلوا بعطائهم لحظة. لم يعطوا بعضاً منهم.. أعطوا كلهم، وكنا كلنا أنتم…
عدنا إلى قرانا ومدننا التي وقفت شامخة ولم تنحنِ…
وكأن الزمن فر منها، لبعض الوقت، إلى سهولنا الممتدة كرامة وبأساً…
عدنا إلى حيث يمتزج الهواء بالماء.
عدنا لنغتسل بمياه الليطاني المقدسة، ونعانق البحر ومراكب الصيادين…
عدنا لنطلق حزناً مؤجلاً، ودمعة محبوسة نقية مثل صوت الآذان…
عدنا نعانق المطر علّه يطفئ الجمر والقهر…
عدنا نستعيد ضوء الشمس الهارب من ثقوب أبواب بيوتنا وركامها!
عدنا نحفر أسماءكم إسماً إسماً.. ونلقي عليكم تحية الوداع.
عدنا لنصلي أمام أضرحتكم، ونروي حكايا المساء…
عدنا لنكتب نشيد التراب…
عدنا لنقيم عرس الوطن، ونهديك النصر، يا أكثر الغائبين حضوراً، وأكثر الحاضرين غياباً…
يا سيد شهدائنا الأسمى…
والسلام عليكم ونصر الله وبركاته…