قصف مواقع الاحتلال في شبعا: تأكيد لـ”وحدة الساحات”

| غاصب المختار |

كان واضحاً من بيان “المقاومة الإسلامية”، الأحد، حول قصف ثلاثة مواقع مهمة وحيوية للاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا، أن الهدف منه التضامن مع قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان صهيوني وحشي، وإن كان القصف مدروساً جداً لناحية المكان والتوقيت والاستهداف، بحيث أنه شمل أراضٍ لبنانية محتلة لا تدخل ضمن اتفاق فك الاشتباك الذي تلا حرب العام 2006، عدا عن أنه المكان الوحيد القابل للاستثمار العسكري والسياسي من جانبي المقاومة والاحتلال.

كما أن أهداف القصف السياسية البعيدة المدى تصب في إطار توجيه رسائل إلى الاحتلال، بأن غزة ليست متروكة، وأن القصف، ولو المحدود والرد المعادي المحدود، هو تأكيد لمقولة “وحدة ساحات المقاومة” ضد الاحتلال. فبالعودة إلى زيارة وزير الخارجية الإيرانية أمير حسين عبد اللهيان إلى بيروت في شهر آب الماضي، وبعد لقائه اأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله وقادة الفصائل الفلسطينية، وبخاصة حركتى “حماس” و”الجهاد”، صدرت بيانات تؤكد بصريح العبارة على وحدة ساحات المقاومة من فلسطين إلى لبنان وسوريا ودول أخرى ضمن محور المقاومة. وبعد مغادرة الوزير الإيراني بأربع وعشرين ساعة، استقبل نصر الله الأمين العام لـ”حركة ‏الجهاد الإسلامي” في فلسطين زياد نخالة، ونائب رئيس المكتب السياسي ‏لـحركة “حماس” الشيخ صالح العاروري، ما يؤكد المسعى لتوحيد ساحات الجهاد ضد الاحتلال والهيمنة الأميركية على المنطقة.

ووحدة الساحات، إذا تمت على مستوى أوسع مما هو حاصل حالياً، يعني إشغال العدو الإسرائيلي على أكثر من جبهة عسكرية وسياسية، ويعني لاحقاً تسريعاً لمساعي وقف إطلاق النار، سواء في فلسطين المحتلة أو في جنوب لبنان. وعلى المدى الأبعد، قد تُحرّك المساعي الدولية لإيجاد حل للوضع في غزة لجهة فك الحصار عنها وتخفيف الضغوط على شعبها، والأهم أنها قد تحرك وتُسرّع المساعي لإيجاد حل لمسألة مزارع شبعا، أو على الأقل تثبيت الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة في النقاط التي يتحفظ لبنان عليها، حيث طرحت الفكرة خلال زيارة الموفد الأميركي المسؤول عن الطاقة آموس هوكشتاين في أواخر شهر آب الماضي أيضاً وفي نفس توقيت زيارة عبد اللهيان، برغم اختلاف الأهداف بين زيارتي الرجلين. فالأميركي جاء لتثبيت الهدوء في الحدود الجنوبية بحراً وبرّاً، والإيراني جاء لشحذ همة مقاومة الاحتلال والهيمنة الأميركية على المنطقة.

ثمة أيام عصيبة ودقيقة ستمر بها المنطقة، قد تُنتج تغييرات دراماتيكية عسكرية وسياسية، بعد عملية “طوفان الاقصى” الواسعة التي قامت بها “حماس” ضد المستوطنات والمدن في فلسطين المحتلة، وستكون النتائج، وفق التقديرات، في جزء كبير منها لمصلحة ووفق شروط محور المقاومة، مع “حفظ ماء” وجه الكيان الإسرائيلي، فلا الأميركي يرغب بتفجير الوضع الجنوبي في لبنان حرصاً على “إنجازه” بتحديد الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين وبدء التنقيب عن النفط والغاز، ولا الكيان الإسرائيلي قادر على توسيع التصعيد مع لبنان حرصاً على حقوله النفطية البحرية القريبة جداً من صواريخ المقاومة.

error: Content is protected !!