خاص ـ قطر إلى لبنان بمبادرة رئاسية.. إسم “أمني” جديد في جعبتها؟

| خلود شحادة |

نشطت حركة الطيران بين باريس وبيروت، حيث حط وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان في بيروت، ثلاث مرات في أقل من شهر واحد.

وما بين الشانزلزيه وبعبدا، جسر عبور تصدّعت أرضيته، بفعل زيارات لم تفضِ إلى أي نتائج، ولم توصل أي إسم إلى سدة الرئاسة.

إحباط حقيقي تعيشه “الأم الحنون”، بعد إخفاقها في إقناع الأطراف اللبنانية بالاتفاق على رئيس جمهورية، ولكن بقيت فرنسا، حتى اليوم، الجهة الإقليمية الوحيدة، التي تحاول لعب دور فعّال في ملء الفراغ الرئاسي بالرئيس “المناسب”.

لكن ثمة تغيراً ما قد يطرأ على الساحة اللبنانية ـ الإقليمية، بما أن المحاولة الفرنسية الثالثة في أيلول، لم تكن ثابتة.

وبحسب معلومات موقع “الجريدة”، فإن دوراً محورياً ستلعبه قطر في دفع الأطراف اللبنانية باتجاه الاتفاق على اسم رئيس جمهورية، وقد مهّد أمير قطر لهذا الدور بالتحذير الذي أعلنه من الأمم المتحدة من أسماه “الخطر الذي يحدق بمؤسسات الدولة اللبنانية”.

وأشارت المعلومات، إلى “زيارة مرتقبة لمبعوث قطري، على مستوى سياسي عالٍ، إلى لبنان، لطرح المبادرة القطرية في ملف رئاسة الجمهورية”.

البعض يرجح أن قطر ستلعب هذا الدور بإيعاز إقليمي، والبعض الآخر يقول إن ذلك يعود إلى رغبة قطر بأمرين:

– الأول، تقديم نفسها كلاعب أساسي في تطورات المنطقة وملفاتها الحساسة، ومحاولة التأثير على المحيط العربي أقله.

-الثاني، يرتبط بمصالحها الاقتصادية في لبنان، وذلك بعد أن أصبحت شريكة في عملية التنقيب عن النفط إلى جانب زميلتها الفرنسية “توتال إنيرجايز”.

وكشفت معلومات موقع “الجريدة”، أن الموفد القطري سيأتي إلى لبنان حاملاً إسماً جديداً يشكّل عملياً تراجعاً عن ما كان سائداً لجهة تبني ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يبدو أنه تبلّغ، أو علم، أن ترشيحه لم يسلك طريقه إلى بعبدا، وأن قطر بصدد طرح إسم آخر للرئاسة، ولذلك قال ما قاله يوم الإثنين “ما بيهمني وما بيعنيني ولم يبحثه احد معي ولم أبحثه مع أحد”، وهو ما يمكن تفسيره بأنه “سحب ترشيح”!

ويشكّل كلام قائد الجيش تمهيداً للطريق أمام الطرح القطري الجديد بتسويق إسم يعتقد المسؤولون القطريون أنه يشكّل تسوية، وأنهم يستطيعون تأمين التوافق عليه.

وتكشف مصادر مطلعة لموقع “الجريدة” أن الإسم الجديد الذي يحمله الموفد القطري، كمرشح لرئاسة الجمهورية، هو المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري. وسيقوم الموفد القطري بجولة على القوى السياسية، لمحاولة تأمين التوافق على الإسم الجديد الذي يبدو أن قطر حصلت مسبقاً على توافق أميركي ـ سعودي على ترشيحه، خصوصاً أنه يمكن توصيف اللواء البيسري بأنه بلا أي “لون سياسي”، لا ينتمي إلى أحد، ولم يُحسب يوماً على أي طرف سياسي في لبنان، وربما ستلعب قطر على هذه النقطة تحديداً لإقناع الأفرقاء اللبنانيين به، مما يجعل اسمه مقبولاً، نوعاً ما، لدى الأطراف “المتنازعة” على إسم الرئيس العتيد.

لكن، في مسار الترشيحات، وتنقّل الأسماء بين العواصم الخارجية المؤثر في لبنان، وبين القوى السياسية اللبنانية، لا بد من طرح استفسار حول المعادلة التي يعمل على تثبيتها كل طرف، فهل المطلوب البحث عن “رئيس يحتاجه لبنان” أم الحاجة إلى “رئيس يملأ الشغور”؟

الفارق شاسع، فلبنان اليوم ليس لبنان 2009 ولا 2016 حتى، إنه لبنان كما لم يكن في تاريخه، البلد المهزوم، الذي يقف على “شوار” الانهيارات السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية، وهو يحتاج إلى تأنٍّ حقيقي في اختيار الشخصية التي ستحكم لبنان وتدير دفة الأزمة باتجاه الخروج منها.

يمكن لأي شخصية أن تشكل نقطة جامعة للأطراف السياسية، خصوصاً أن أكثر ما يجمعهم هو تقاسم “جبنة البلد”، ولكن اليوم هم يدركون جيداً أن “مصنع الأجبان” في الصيانة، والمصدر قد جفّ حتى إيجاد مصدر آخر، ولهذا لا اتفاق حتى اليوم، وهذا ما أدى إلى فشل كل المبادرات الإقليمية، والدعوات الداخلية للتشاور.

وفي المحصّلة، ربما لا يحتاج لبنان إلى شخصية “أمنية” أو “اقتصادية” أو حتى “سياسية”، ربما كل ما يحتاجه فعلياً شخصية “صاحب ضمير” لا أكثر ولا أقل، تخاف الله في هذا البلد المنكوب.