/ جيهان زعتر /
فلسطين، هي الأرض التي تبكي من وجع قديم جرحه لا يزال مكشوفاً. جرح لم يتمكن من تحريك العالم لوقف نزفه.
هي أرض صمدت وحاربت وواجهت بقوّة حركاتها المقاومة، وقسوة حجر أطفالها، وعصارة أفكار شعبها المفكّر والمثقف، وخشونة أيادي كبارها الذين زرعوا الخير فيها، وأرواح شهدائها التي لا تزال تقاوم من عليائها.
غزّة هي واحدة من منطقتين من مناطق الانتداب البريطاني السابقة على فلسطين والتي قام العدو الصهيوني باحتلالها عسكريًا منذ حرب الأيام الستة عام1967، وهما: الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة، وذلك بعد احتلال فلسطين الأول في العام 1948.
قطاع غزّة هو المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، يشكل تقريباً 1,33% من مساحة فلسطين التاريخية (من النهر إلى البحر). يمتد القطاع على مساحة 360 كيلومتر مربع، حيث يكون طولها 41 كيلومتر، أما عرضها فيتراوح بين 6 و12 كيلومتر.
تحد قطاع غزة الأراضي المحتلة شمالاً وشرقاً، بينما تحدها مصر من الجنوب الغربي.
وبحسب وزارة الداخلية الفلسطينية فإن عدد سكان قطاع غزة المحاصر، يقترب من مليوني نسمة، بينهم أكثر من 200 ألف مولود جديد ولدوا خلال الأعوام الأربعة الماضية. وقد حملت وزارة الصحة الفلسطينية، سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية تدمير السجل المدني للقطاع والسلطة الفلسطينية في الضفة، بفصل الحاسوب المركزي الخاص بتسجيل معاملات المواطنين مما أتاح الفرصة للتزوير.
كان قطاع غزة جزءاً لا يتجزأ من منطقة الإنتداب البريطاني على فلسطين حتى الجلاء الانكليزي في أيار1948.
وفي خطة تقسيم فلسطين، كان القطاع من ضمن الأراضي الموعودة للدولة العربية الفلسطينية، غير أن هذه الخطة لم تطبق أبداً، وفقدت سريانها إثر تداعيات حرب 1948.
بين 1948 و1956 خضع القطاع لحكم عسكري مصري، ثم احتلها جيش العدو لمدة 5 أشهر في هجوم على مصر كان جزءاً من العمليات العسكرية المتعلقة بأزمة السويس.
في آذار1957 انسحب جيش العدو، فجددت مصر الحكم العسكري على القطاع.
أما في حرب 1967، فقد احتل جيش العدو القطاع ثانية مع شبه جزيرة سيناء.
في 1982 أكمل جيش العدو انسحابه من سيناء بموجب معاهدة السلام المصرية ـ “الإسرائيلية”، ولكن القطاع بقي تحت حكم عسكري “إسرائيلي”، إذ فضلت مصر عدم تجديد سلطتها عليه.
دخلت إلى بعض مناطقه السلطة الوطنية الفلسطينية بعد توقيع اتفاقية “أوسلو” في العام 1993.
وفي شباط 2005، صوّتت حكومة الاحتلال على تطبيق خطة رئيس الوزراء “الإسرائيلي” آنذاك أريئيل شارون، للإنسحاب الآحادي الجانب من قطاع غزة،
وإزالة جميع المستوطنات الإسرائيلية والمستوطنين والقواعد العسكرية من القطاع، وانتهت العملية في 12 أيلول 2005 بإعلانها إنهاء الحكم العسكري في القطاع.
يشكل القطاع مع الضفة الغربية، نواة الدولة الفلسطينية، وهي الأراضي التي احتلها العدو في 5 حزيران1967.
ميناء غزة
هو أحد أهم موانئ فلسطين.
يقع شمال قطاع غزة، على الساحل الشرقي للبحر المتوسط. ويبلغ عمقه قرابة 970 متراً، ومساحته 48,000 متراً مربعاً. وقد عمل العدو الصهيوني بعد احتلاله لغزة في النكسة عام 1967، على منع الصيادين فيه من تجاوز 6 أميال عن الشاطئ.
كان ميناء غزة يتخذ مكاناً محورياً في طرق القوافل التجارية في العالم القديم. وقد تم في عام 2011 اكتشاف مجموعة من الأعمدة والتيجان الرخامية الأثرية في ميناء غزة تعود للعام 335 م. وأصبح الميناء اليوم، أهم بوابة لغزة بعد معبر رفح البري، وذلك خلال الحصار “الإسرائيلي” على قطاع غزة، حيث يعد الميناء هو الطريق الوحيد لكسر الحصار، من خلال القوافل المتضامنة مع القطاع. ومن الأمثلة على هذه القوافل “أميال من الابتسامات”، و”أسطول الحرية”.
الحروب على غزة
يشن العدو الإسرائيلي، بين الحين والآخر، عدواناً على غزة.
وفي 8 تموز2014 شنت قوات الاحتلال عدواناً على قطاع غزة أطلق عليه اسم عملية “الجرف الصامد”، وردت “كتائب عز الدين القسام” بمعركة “العصف المأكول”، ثم ردت حركة الجهاد الإسلامي بعملية “البنيان المرصوص”.
جاءت هذه العمليات، بعد موجة عنف تفجرت مع خطف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير من شعفاط، على أيدي مجموعة مستوطنين في 2 تموز2014، وإعادة اعتقال العشرات من محرري صفقة شاليط، وأعقبتها احتجاجات واسعة في القدس وداخل أراضي الـ 48 وكذلك مناطق الضفة الغربية، واشتدت وتيرتها بعد أن دهس مستوطن “إسرائيلي” اثنين من العمال العرب قرب حيفا، وتخلل التصعيد قصف متبادل بين العدو الصهيوني والمقاومة الفلسطينية في القطاع. ونفذت خلال هذه الحرب عدة عمليات عسكرية مثل عملية “ناحل عوز” وعملية “العاشر من رمضان”.
كان الهدف المعلن من العملية “الإسرائيلية” هو وقف إطلاق الصواريخ من غزة إلى الأراضي المحتلة، التي ازدادت بعد الحملة “الإسرائيلية” ضد حركة “حماس” في الضفة الغربية، في أعقاب عملية اختطاف وقتل ثلاثة مستوطنين “إسرائيليين” في 12 حزيران 2014 من قبل حركة “حماس”.
على العكس من ذلك، كان هدف “حماس” هو الحصول على الضغط الدولي لرفع الحصار “الإسرائيلي” على قطاع غزة، وإنهاء الهجوم “الإسرائيلي”، والحصول على طرف ثالث لمراقبة وضمان الامتثال لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
ويجد سكان قطاع غزة أنفسهم، حتى اليوم، وسط صراع وخسائر ودمار، في حرب شرسة مستمرة تقوم على اعتداءات خبيثة وفاقدة للإنسانية، يشنها العدو الصهيوني على القطاع، كلما أتيحت له الفرصة.