الزيت النباتي في لبنان.. سرطانات بأسماء جديدة وأسعار رخيصة!

/ جيهان زعتر /

هل الاستهانة بصحة المواطن أصبحت من المسلمات في لبنان؟ أم أن الوضع الاقتصادي فرض على المستهلكين شراء الزيت الرخيص، وغضّوا الطرف تماما عن جشع الفاسدين باستغلال هذه الاوضاع للترويج لبضائعهم الفاسدة. بالمحصلة، صحة المواطن مهددة، وربما التوعية هي الخيار الوحيد في ظل غياب المراقبة والمحاسبة.

اجتياح الأسواق لزيوت بأسماء لم تكن معروفة، وتصدّر تلك المعبأة محلياً رفوف عدد كبير من المحلات، وكنتيجة للارتفاع الجنوني لأسعار الزيت النباتي الذي يستخدم عادة للقلي، لجأ المواطن لشراء الزيت رخيص السعر، وبأسماء وماركات وهمية. ولكن، هل هذه المواد “مطابقة للمواصفات” التي تدخل ضمن سلامة الغذاء التي اتبعها لبنان لسنوات؟ وكيف نحمي أنفسنا كمواطنين؟

اكدت رئيسة جمعية “مراقبون بيئيون” بتول قاسم علي لموقع “الجريدة”، انه تم رصد شركات تغش بنوعية الزيت وجودته من خلال تغيير خصائصه الظاهرية التي تطرحه في السوق وكأنه زيتاً جديداً وقالت:” استلمنا كمراقبين في الآونة الاخيرة ملف فساد الزيوت، وكنا على يقين برصد شركات الفساد، وتم رصد شركة تصنيع زيت فاسدة قائمة على وضع صبغة لتفتيح لون الزيت المستهلك، الذي بطبيعة الحال سيكون محروقاً”.
وحذّرت من مخاطر هذه الأفعال التي تتسبب بارتفاع خطر الإصابة بالسرطان.

ولكن السؤال كيف يمكننا التأكد من جودة الزيت؟

ورداً على هذا السؤال، كشفت بتول علي، ان خصائص الزيت الفاسد هي التالية:
– ظهور رائحة سمك محروق اثناء وضع الزيت المقلي على النار.
– ظهور رائحة عفنة وروائح أخرى كريهة اثناء سكب الزيت.
– الزيت ذات اللون الأصفر يحتوي على لزوجة غير طبيعية ومفارقة لشكل الزيت الطبيعي.
– الزيت لا يمتلك القوام الثقيل اثناء السكب ويكون على هيئة مخفف.
– وجود ثغرات وشوائب بيضاء داخل الزيت.
– وجود شوائب سوداء اثناء سكب الزيت.

وأوضحت انه لمعرفة فساد الزيت “نقوم بنقل كمية من الزيت، واضافة زيت “الكبريت” على عينة الزيت وتركه لنصف ساعة، ان ظهرت بعدها رغوة ولزوجة واضحة يعني أنّ الزيت فاسد”.
وأكدت انه يمكن الاستفادة من الزيت الفاسد بصناعة الصابون وزيوت محركات السيارات.

كيف نحمي أنفسنا من مخاطر الزيت الفاسد؟

تابعت بتول علي: “بضرورة تصفية الزيت بعد القلي به لإزالة بقايا الطعام التي تسرع في أكسدته، كما حفظه دائماً في العتمة وتغطيته لمنع تعرضه للهواء، مشددة على ضرورة البحث عن مصدره في عملية الشراء”.

وفي حديث لموقع “الجريدة”، نفى نقيب السوبر ماركات هاني بحصلي علمه بأي عملية غش وتلاعب بجودة الزيت وقال: “هذا أمر برسم الجهات القضائية”، معتبراً انه “على الوزارات المعنية مراقبة أعضاءها”.
وشدد على انّ “النقابة تقف ضد أي تجاوزات و(الدكاكين) هي التي تبيع هذه النوعية من الزيوت”.

وكانت لموقع “الجريدة”، جولة على السوبر ماركات “المعروفة”.
وفي معرض سؤالنا للناس في احدى التعاونيات، عن نوع الزيت الذي يستخدمونه وهل يعتمد هذا الاختيار على سلامة الزيت ام سعره، كشفت خزامة (57 عاما) وهي ربّة منزل، انها استخدمت زيت اوكراني اسمه
‏ “pac food” لكنه لم يعجبها بسبب رائحته الكريهة.
ورأت جمال (60 عاما) التي تعمل كمتطوعة، انه حتى الماركات غير المعروفة والرخيصة يمكن ان تكون بجودة مميزة بحيث يكون الزيت شفافا وبلا رائحة.
في المقابل ما زال البعض متمسكاً باختيار الماركات المعروفة مثل ديانا (55 عاما) وهي لا تعمل لكنها تستخدم “مازولا” حصراً رغم غلاء سعره، كذلك فاطمة (54) التي تختار في كل مرة زيت “عافية”.
من جهته اكّد محمد مدير احدى التعاونيات في مدينة بيروت، ان هناك قبول واضح للزبائن على الزيوت بماركات جديدة لأسعارها الرخيصة بغض النظر عن جودتها.

هل عملية تكرير الزيت مكلفة؟

كشفت أحد المصادر في دائرة الهندسة الزراعية لموقع “الجريدة”، أنّ “عملية تكرير الزيت ليست مكلفة فهي تعتمد على الآلات وسعر المازوت، بحيث لا يُضاهي تكلفة سعره الربح الذي يحصل عليه التجار من بيع هذه الزيوت المكررة الفاسدة”.
وأكّد المصدر أنه ضد تكرير الزيت النباتي، وأنه من الأفضل أن يُستفاد من هذا الزيت الفاسد لصناعة الصابون.
كما أشار إلى أنّ معظم الزيوت النباتية تُستورد من أوكرانيا وسوريا وتركيا وأنها تأتي على شكل صهاريج مُغلقة ويتم تعبئتها في لبنان كباب أوّل او ثاني او ثالث.

بدوره أوضح رئيس مصلحة الصحة في محافظة الجنوب الدكتور جلال حيدر لموقع “الجريدة”
أنّ الزيوت نوعان:
مشبعة، وهي صلبة كالدهون وغير مشبعة منها “أحادي” وهي الزيوت النباتية التي تكون أفضل من “المتعددة” الضارة بجسم الإنسان.
وأضاف أنّ “المشكلة بالزيوت الفاسدة أنها تتأكسد فتصبح ضارّة بصحة الإنسان بحيث يرتفع ال
‏LDL في الجسم وهو الذي يحمل الكولسترول الضار فينتج عن ذلك تجلطات في الشرايين بما فيها شرايين القلب ويخفّ الـ HDL الذي يسحب الكولسترول الضار من الشرايين ويخزنه بالكبد، إضافة الى أنّ “المواد المؤكسدة تزيد من احتمال الإصابة بالسرطان”.

في خضم الأزمات المتتالية التي تتفشى في لبنان كالسرطانات، وتخنق ما تبقى من أنفاس في رئة المواطن اللبناني،
يأتي جشع التُّجار والجيوب الاستغلالية في ملف فساد الزيت النباتي، ليوقع اللبناني مرّةً أُخرى في “الفخّ”، ويؤكد له انه لا مفرّ من السرطان..

والأسوء انّه حتى إن استنجد آماله ليشفى فإنه لن يجد الأدوية لإتمام العلاج!