/ غاصب المختار /
شهد الأسبوع الماضي والذي قبله، توترات سياسية كبيرة على خلفيات مختلفة، لم يكن أقلها الخلاف حول آلية عقد جلسات مجلس الوزراء وتوقيع المراسيم، وهو الخلاف المرشح للتفاقم مع استمرار تباين وجهات النظر حول صلاحية رئيس الحكومة في التفرّد بتوقيع المراسيم، أو حصرها فقط بتوقيعه وتواقيع الوزراء المعنيين من دون تواقيع الأربعة وعشرين وزيراً. إلى جانب التوتر الذي نشأ بعد حادثة العاقبية وتمت لملمته بالتي هي أحسن، وبتجاوب “حزب الله” مع طلب تسليم أحد المشاركين في الحادث. والتوترات داخل الحكومة على ملفات الكهرباء والدواء والطبابة والمساعدات الاجتماعية للموظفين، مدنيين وعسكريين…
وإذا كان الهم المعيشي ضاغطاً على أوضاع البلاد والعباد، فإن بعض المرجعيات السياسية تردّه إلى التوتر السياسي السائد، وانسداد عملية انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم تلبية الدعوات للحوار بهدف التوافق على الحلول. لكن ما لم يستطع الرئيس نبيه برّي فعله بالدعوة إلى الحوار، حققه رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط بالحوار مع كل الأطراف، ولا سيما مع المكونين المسيحيين الأساسيين، “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، والأرجح بالتنسيق مع بري، نظراً لانفتاح جنبلاط على الجميع، حيث أنه “في السياسة لا خصومة دائمة ولا صداقة دائمة”. بل ان دعوته المستمرة للحوار لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وحل المشكلات العالقة، لاقت صداها عند الأطراف الاخرى، ومنهم “التيار” و”القوات” والبطريرك بشارة الراعي وفعاليات أخرى.
وبرأي مصادر سياسية متابعة عن قرب، فإن الحوارات “بالمفرق” التي يجريها برّي وجنبلاط، وحتى كل من “حزب الله” و”القوات” وبعض الاطراف النيابية الأخرى، من شأنها تخفيف التوترات السياسية القائمة وتقريب وجهات النظر بين معظم القوى، ما عدا تلك التي تُصرّ على التمترس خلف جدران مواقفها عالية السقف وغير مجدية، بحيث لا توصلها إلى أي نتيجة سوى قطع التواصل مع الآخرين.
لكن مصادر “القوات” تقول لموقع “الجريدة” ان اللقاءات التي يجريها سمير جعجع تقتصر على أطراف قوى المعارضة، واللقاء الذي جمعه قبل يومين مع عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب وائل أبو فاعور موفداً من جنبلاط، هو في إطار “اللقاءات الدورية” وتنسيق المواقف القائم والمستمر بين الطرفين حول الاستحقاق الرئاسي ودعم ترشيح النائب ميشال معوّض، ولم يجرِ طرح أو بحث أي فكرة جديدة أو اقتراح جديد. حتى أن أبو فاعور لم يضع جعجع في صورة اللقاء بين جنبلاط ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.
وحول لقاء جنبلاط وباسيل، توضح المصادر أن “كل فريق من أطراف المعارضة له أسلوبه في التعاطي مع الأمور، وإن كان الجميع متفقون على التوجه الواحد بدعم ميشال معوض، خاصة أن الفريق الآخر غير قادر على حسم ترشيح أحد للرئاسة وفق مواصفات إنقاذية”.
على هذا، ثمة إجماع سياسي على أن الحوارات القائمة “بالمفرّق” قد تلجم التوترات الداخلية إلى حين نضوج التسوية التي يشتغل عليها أكثر من طرف عربي ودولي، ولكن تبقى المشكلة في التوترات الخارجية التي تنعكس سلباً على لبنان بكل المواضيع، ولم تنضج بعد الحلول لها.