ميقاتي يخرق مرمى “الرابية”.. كيف سيرد باسيل؟

/محمد حمية/

جاءت جلسة مجلس الوزراء، من خارج جدول الأعمال السياسي الذي شكل الملف الرئاسي وجهته وبوصلته الأساسية مع الجلسات المتكررة للمجلس النيابي لانتخاب رئيس، وسط اجماع المكونات المسيحية على أولوية انتخاب الرئيس ورفض جلسات الحكومة وتشريع الضرورة معاً. كما تزامنت الدعوة للجلسة مع بداية الشهر الثاني للشغور الرئاسي وانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.

بالتأكيد، الملف الصحي لم يكن السبب المباشر لانعقاد الجلسة، بل السبب الظاهر كـ”ذريعة ميقاتية” لتبرير انعقاد الجلسة لتحقيق عدة أهداف:

* أراد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تحصين موقعه السياسي، بتكريس صلاحياته الدستورية في المعركة المفتوحة على الصلاحيات بين موقعين دستوريين أساسيين هما: رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء.

* يسعى ميقاتي لتمرير رزمة من القرارات في “عتمة ليل”، عبر دسها كالسم في عسل “المنح الاستشفائية والدوائية”، وهي قرارات لم يستطع ميقاتي تمريرها بسبب رفض الرئيس عون توقيعها آنذاك.

* جاءت رداً مباشراً على تهديدات رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي حذر ميقاتي منذ حوالي الأسبوعين من عقد جلسات في ظل الشغور، بهدف كسر شوكة باسيل الذي يوجه رسائله وسهامه دوماً باتجاه عين التينة والسرايا.

* تظهير ميزان القوى الحكومي والسياسي الجديد لصالح الفريق المناوئ لـ”العونية السياسية”، بعد انتزاع أوراق قوة من باسيل عقب نهاية ولاية الرئيس عون، فجاءت الجلسة لتثبت هذا الميزان لصرفه في معارك مقبلة أكانت حكومية أم رئاسية.

* تثبيت ميقاتي بـ”تزعم” حكومته، رغم التواضع المصطنع الذي أبداه خلال حديثه عن “العائلة الحكومية والتشاور”، إذ أصبح الآمر الناهي في الحكومة.. فهو صاحب الدعوة.. معد جدول الأعمال.. يترأس الجلسات ويصدر قراراتها ويوقعها. فوجه رسالة لباسيل بأنك “فقدت الثلث المعطل في الحكومة بعدما فقدت توقيع رئيس الجمهورية”.

* من دون شك، ستشكل الجلسة وميزان القوى الحكومي الجديد، وسيلة ضغط كبيرة على عون وباسيل لتليين موقفهما من رئاسة الجمهورية، وإلا فجلسات الحكومة ستستمر في إدارة البلاد في مرحلة الشغور الرئاسي. ما سيدفع الفريق العوني والمراجع السياسية والدينية المسيحية للإسراع بإيصال رئيس للجمهورية، قبل أن “يسطو” رئيس “الحكومة السني” على ما تبقى من صلاحيات للرئيس المسيحي في سياق المعركة حول تعديل اتفاق الطائف.

* يريد ميقاتي إحراج حزب الله بجلسة مخصصة للضرورات الصحية والاجتماعية التي تهم المواطنين، فيضطر الحزب لحضورها، فيقع الخلاف مع التيار الوطني الحر، فيتعمق أكثر، وينعكس رئاسياً فيضعف موقع التيار أكثر، ما يسهل انتخاب النائب السابق سليمان فرنجية أو مرشح تسوية آخر.

ولا يخفي مسؤولون في التيار الوطني الحر امتعاضهم من موقف الحزب بحضور وزيريه للجلسة، ويتوقعون تداعيات على العلاقة بين “التيار” و”الحزب”، رغم أن وزراء “التيار” وعون لم يتضامنوا مع وزراء ثنائي حركة أمل والحزب عندما اعتكفوا للمطالبة بإقالة القاضي طارق بيطار وتصويب أداء التحقيق بملف انفجار مرفأ بيروت. لكن أوساط التيار توضح لموقع “الجريدة” أن المقارنة بين الموقفين غير منطقي، فوقتذاك كانت حكومة أصيلة ودستورية وهناك رئيس للجمهورية، أما الآن فحكومة فاقدة الشرعية والميثاقية ولا رئيس للجمهورية، وما حصل مخالف للدستور ونحر للميثاقية وتهديد لاتفاق الطائف الذي كرس الشراكة المسيحية ـ الإسلامية عبر التوازن في الحكم بين موقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء.

أوساط التيار تتوعد بأن باسيل سيبدأ بلعب أوراقه في الملعب الرئاسي بالتصفيات “النصف نهائية” بعد خسارته في الجولة الحكومية.

سيذهب باسيل أكثر باتجاه استثمار “زحطة” ميقاتي، بإظهار نفسه بموقع المدافع الوحيد عن حقوق الطائفة المسيحية وصلاحيات رئيس الجمهورية، بعد صمت القوات والكتائب وموقف الكنيسة الملتبس، وسيُجيّر عائد هذا الاستثمار بالملف الرئاسي بالتشدد أكثر ضد وصول مرشح “الثنائي” سليمان فرنجية، والمطالبة بضمانات سياسية وميثاقية في أي تسوية رئاسية وحكومية مقبلة بمعزل عن تحالفه مع حزب الله.

سيخوض باسيل المعركة ولو اضطر الأمر للتحرك في الشارع أو هزّ تحالف مار مخايل، وهذا ما ألمح اليه أكثر من مسؤول في التيار.