بين مكارثي وشيا: الرهان على الأميركيين.. مجدداً!

/ مرسال الترس /

لا ينسى الصحافيون، الذين عايشوا فترة انتخاب الرئيس الشهيد رينه معوض في العام 1989، بعد إعلان اتفاق الطائف، تفاصيل زيارة السفير الأميركي في بيروت، آنذاك، جون مكارثي لدارة الرئيس المنتخب في اهدن، بعد ساعات على انتخابه.

أمسك مكارثي آنذاك بسماعة الهاتف في قصر الرئيس معوّض، وأجرى اتصالاً بـ”قائد القوات اللبنانية” سمير جعجع، حين كانت ميليشيا “القوات” تحكم سيطرتها على قسم من منطقة “بيروت الشرقية”، ليقنعه بالمساعدة والوقوف إلى جانب الرئيس معوّض لتسهيل تنفيذ اتفاق الطائف.

وإضافة إلى خرق الأعراف الديبلوماسية، شكّل ذلك الاتصال آنذاك، “كسراً للمحرّمات”، واستفزازاً كبيراً لأهالي بلدة إهدن التي كان أهلها على عداء شديد مع جعجع باعتباره أحد المسؤولين الذين شاركوا في الهجوم “الكتائبي” على البلدة في 13 حزيران 1978، وارتكاب مجزرة إهدن التي ذهب ضحيتها النائب طوني فرنجية وزوجته وابنته وثلاثين من أبناء إهدن.

الأسبوع الماضي، تكوّن سيناريو لا يختلف كثيراً عن المشهدية السابقة في مجلس النواب، حيث كان هناك دور “على راس السطح”، بدأت ملامحه منذ ما قبل الانتخابات النيابية في شهر أيار الفائت، من قبل السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا التي كسرت كل قواعد التواصل الديبلوماسي على الساحة اللبنانية، في سبيل تشكيل قوة نيابية مدعومة عربياً، للوقوف بوجه “محور الممانعة”، والحؤول دون وصول مرشح رئاسي يمت إلى هذا المحور بصلة.

وقد أعلنت كتلة “تجدّد” النيابية وبالفم الملآن أنها ستشارك لـ”عدم السماح بوصول رئيس تابع لمحور الممانعة، يمعن في سياسات الانهيار، ولا رئيس رمادي تكون مهمته ادارة الانهيار عوض القيام بعملية الانقاذ المطلوبة”.

استقر الاختيار على النائب ميشال معوض، كون الصداقة مع عائلته قديمة. فنشطت السفارة الأميركية، التي تتحضر لأن تكون الأكبر في الشرق الأوسط ربما وقلعة من قلاع الديبلوماسية الأميركية في البقعة الشرقية من حوض المتوسط، لتوليف تركيبة تجمع أحزاب “القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”التقدمي الاشتراكي” و”التغييريين”، مما يليق بالرجل ومستقبله، بخاصة أن أحد شروطه الرئيسية كانت إما أن يكون جامعاً وتوافقياً بين كل هؤلاء “والاّ فتشوا عن اسم آخر، فلست اسماً للحرق، أو للمراهنة الخاسرة”.

ولكن حساب الحقل الأميركي لم يطابق بيدر ساحة النجمة، فجاء رقم الـ 36 صوتاً بمثابة دعسة ناقصة للفريق ومدربه الآتي من بلاد العم سام.

الواضح أن المشهد الذي تمّ تقديمه على مسرح ساحة النجمة كان جولة جس نبض و”بروفة أولية”، وربما ستتبعها بروفات عدة لإنجاحها. ومن يستطيع إثبات جدارته بإخراج أرانب أكثر من الأكمام، يفوز بـ”جائزة” قصر بعبدا، من دون أن يغيب عن البال أن الرئيس نبيه بري بارع جداً في هذا المجال. فهل سيتقدم هذه المرة على الساحر الأميركي؟ أم تنجح الأكمام المتصلة بميرنا شالوحي بخذلانه، على قاعدة “عليّ وعلى أعدائي يا رب”؟

في كل الظروف، يبقى الرهان معلقاً على انعقاد الجلسة الثانية التي سترسم حدود كل فريق.. وصورة الرئيس المقبل!