| عماد مرمل |
لا تزال قضية إخفاء الإمام المغيّب السيّد موسى الصدر ورفيقيه مثقلة بالألغاز التي لم تعد مبررة، من دون أن يتمكن حتى الآن، لا عامل الوقت ولا الانقلاب الجذري في المعادلة الليبية، من فك شيفرة هذا الملف، ما دفع عائلة الإمام الى كسر المراوحة عبر رحلة خارجية أوصلتها الى روسيا.
مع بقاء قضية إخفاء الامام الصدر ورفيقيه أسيرة المجهول والغموض، على الرغم من كل تحركات اللجنة الرسمية للمتابعة وعلى الرغم من سقوط نظام معمر القذافي منذ سنوات وحلول واقع جديد في ليبيا… قررت عائلة الإمام ان تبادر الى اعادة تحريك هذا الملف عبر جولة خارجية قادتها اولاً الى إيران حيث التقت عددا من المسؤولين في طهران، ثم انتقلت منها الى موسكو التي وصلتها قبل أيام طلباً لتعاون روسي في مسعى كشف مصير الإمام.
واذا كانت زيارة العائلة الى طهران تبدو طبيعية، ربطاً بما يجمعها والإمام موسى الصدر من صلات وثيقة بإيران، الا انّ اللافت للانتباه كان قرارها بالتوجه إلى روسيا لمحاولة الحصول على مساعدتها من أجل كشف الخيوط الخفية في ملف تغييب الصدر.
ومن المقرر ان يُعقد اجتماع بين عائلة الصدر ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف غداً للتباحث في ما آلت اليه قضيته، فيما التقت العائلة لنحو ساعتين رئيس معهد الإستشراق في روسيا البروفيسور فيتالي نعومكين الذي أبدى اهتماما بالغا بفكر الإمام الصدر، مقترحا ترجمة خطاباته ومقالاته إلى اللغة الروسية في معهد الإستشراق، لا سيما كتاب «الأديان في خدمة الإنسان».
وعُلم انّ حيثيات زيارة عائلة الصدر الى موسكو كانت حاضرة في لقاء بوغدانوف مع السفير اللبناني لدى روسيا شوقي بونصار قبل أيام، حيث استفسر المسؤول الروسي عن دوافع الزيارة وما الذي تستطيع موسكو ان تفعله، فأكد له بونصار، تبعاً للمعلومات، انّ الامام الصدر قامة وطنية وروحية كبيرة، لافتاً الى انّ قضيته تهم الرأي العام اللبناني «وهو يشكل رمزا وطنيا كغيره من القامات الكبرى في البلد من مختلف الطوائف».
وأفادت مصادر واسعة الاطلاع انه طُرحت خلال النقاش بعض الوقائع المتصلة بالقضية ومنها توقيف هنيبعل القذافي في لبنان، حيث كشف بوغدانوف انّ عائلة هنيبعل زارت السفارة الروسية في دمشق سعياً الى الدفع في اتجاه تأمين الإفراج عنه، بينما شدد بونصار على أن المطلوب ترك القضاء يأخذ مجراه.
وفي حين أشار بونصار الى انّ الموقف الرسمي للدولة اللبنانية يعتبر ان نظام القذافي هو المسؤول عن تغييب الإمام الصدر، لفت بوغدانوف الى ان هذا النظام طار، وليبيا أصبحت منقسمة على نفسها، ما يُصعّب الوصول إلى الحقيقة الكاملة، «خصوصا ان الذين يتولون حالياً السلطة في ليبيا كانوا في صفوف المعارضة او خارج البلاد أثناء حكم القذافي. وبالتالي، هم لا يملكون معلومات وافية في شأن قضية تغييب الإمام الصدر، إضافة الى ان موسكو ليست لديها علاقات وثيقة مع أغلب هؤلاء باستثناء خليفة حفتر الذي لا يعرف الكثير حول الملف».
وأوضحت المصادر ان بوغدانوف نصحَ بأن يتم التركيز على التواصل مع بعض رموز النظام السابق الذين ما زالوا أحياء ويتواجدون خارج ليبيا.
وأمل بونصار في أن تستخدم موسكو مكانتها الدولية وعلاقاتها الدبلوماسية للمساهمة في معالجة قضية إخفاء الإمام، لافتاً انتباه بوغدانوف الى انّ استقباله لعائلة الصدر ضروري.
تجدر الاشارة الى ان الوفد يضمّ كلاً من إبن الإمام صدر الدين وابنته مليحة الصدر، إضافة إلى مقرر لجنة المتابعة القاضي حسن الشامي والمستشار القانوني للعائلة جوزف غزالة ومنسق الزيارة الاعلامي فادي بودية.