“ميداليات ذهبية” لسياسيي لبنان!

| مرسال الترس |

واحد وعشرون شهراً مضت على الفراغ برئاسة الجمهورية في لبنان، والسياسيون ولا سيما المسيحيون منهم، وتحديداً الموارنة، متشبثون بمواقفهم، من دون أن يقيموا وزناً لأي من مصالح المواطنين الذين يعانون منذ خمس سنوات من أزمات متعددة، ومتنوعة، ومتشابكة، لو أصابت أي شعب آخر لأجبرته على الخضوع وربما الإنهيار.

وخلافاً لكل التوقعات، استطاع مواطنون يحملون جواز سفر بلاد الأرز، وبغياب أي دعم من دولتهم، أن يحققوا ميداليات ذهبية أو فضية أو برونزية في هذا المجال الرياضي أو ذاك المجال الفكري.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، حقّق طلاب لبنانيون ميداليات ذهبية في المسابقة العالمية لأبطال الحساب الذهني والأسرع في الحساب الفوري، والتي جرت في الصين بمشاركة 56 منظمة دولية من أنحاء العالم. وحقق الطلاب اللبنانيون البطولة في فئتين من أصل خمس فئات، متقدمين بمئات النقاط على منافسيهم، فحازوا على خمس ميداليات ذهبية وميداليتان فضيتان، بالإضافة الى الميدالية الذهبية في تحدي المجموعات!

على خط موازٍ فإن السياسيين اللبنانيين، ولاسيما منهم المسيحيون، حققوا أعلى نسبة من الضغائن بين المواطنين، إن عبر تأجيج الصراعات المناطقية، أو الطائفية، أو المذهبية، حتى تحوّل الشعب اللبناني إلى فئات وعناصر أبعد ما تكون عن البوتقة الوطنية، نظراً للضغائن والأحقاد التي يتم بثّها في مواقع التواصل الاجتماعي!

ولعل ما حصل من أزمة في المدرسة الحربية، حيث يتخلف الشباب المسيحي عن الالتحاق بأهم مؤسسة في الوطن، وهي مؤسسة الجيش، وباقي المؤسسات الأمنية، مستعيدين نمط الدعوات التي صدرت عن بعض الزعماء المسيحيين، وتحديداً الروحيين منهم، مطلع تسعينيات القرن الماضي، حين أطلقت تحذيرات بعدم الاشتراك بالانتخابات وتالياً في مؤسسات الدولة.

واليوم يكررون المشهد نفسه، بحجة الظروف الاقتصادية والمالية. مع العلم أن معظم أولئك السياسيين قد شاركوا في تهديم الدولة والمؤسسات المصرفية والمالية!

فهل يجب منح السياسيين في لبنان، ولا سيما المسيحيين منهم، وتحديداً الموارنة، “ميداليات ذهبية” على تأجيج الصراعات بين أبناء الصف الواحد، وبين الإخوة أحياناً، حفاظاً على مواقعهم وتحقيقاً لطموحاتهم الشخصية؟

أم يجب منحهم “الميداليات الذهبية” على الأزمات التي أغرقوا الوطن فيها، ابتداء من المالية وصولاً إلى الصحية ومروراً بالتربوية والاجتماعية والحياتية، أو على الأقل لم يساهموا قيد أنملة في الخروج من شرانقها؟

الأكيد أن الميدالية الذهبية يجب أن تمنح لهم، لأنهم أقنعوا مناصريهم ومحازبيهم أنهم ليسوا مسؤولين لا من قريب ولا من بعيد عن تلك الأزمات… وإنما الآخرين في الوطن!