هل تستعيد بكركي “البوصلة”؟

/ مرسال الترس /

بكركي، العاتبة دوماً على التشرذم الدائم في صفوف الموارنة، والمتخوفة باستمرار  على مستقبل مسيحيي الشرق، يجب أن لا يسهى عن بالها أن “مجد لبنان أُعطي لها”، وأنها يجب ان تبقى على مسافة واحدة من الجميع وأن ترسم السياسات التي تخدم المسيحيين في الشرق، لأنها البوصلة التي يجب ان يعتمدها الجميع لإيصال لبنان الى بر الأمان.

يتذكّر أحد الأصدقاء القريبين من الصرح البطريركي قولاً شهيراً للبطريرك بولس المعوشي، الذي شكّل حالة استعصاء بوجه السياسيين، جاء فيه: “عندما تضعف بكركي يضعف المسيحيون في لبنان”.

منذ اعلان استقلال لبنان في العام 1943، والصراعات بين رجال السياسة الموارنة في لبنان، من سيء الى أسوأ، وفي بعض الأحيان كانت بكركي تدخل طرفاً، الأمر الذي عطّل دورها وجعلها عرضة للإنتقاد.

على هامش استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية، توحي الظروف أن المهمة على الصرح البطريركي الماروني وسيده البطريرك بشارة الراعي، صعبة جداً، لأن معظم الأحزاب والمكونات المارونية تستعين بـ”نبش القبور” والفضائح، وتدفع للعودة الى زمن الحرب وذكرياتها المؤلمة، وترمي بأثقالها على الصرح لكي يتدبر أمور الرعية.

فهل على بكركي التلهي بالقشور الخلافية؟ أم عليها القيام بمهمة لن تستطيع أية جهة أخرى في الطائفة القيام بها؟

مصادر متابعة، ومتعمقة في الدور اللاهوتي والوطني، ترى أن الدور المنوط بالصرح يجب أن يرتكز على مبادئ عدة، أبرزها:

* أن تعتمد بكركي موقع “المؤسسة” الراسمة للدور والأهداف التي يجب على الجميع الالتزام بهديها، من خلال مجموعة منتقاة من الملمين بالتاريخ والجغرافيا، والسياسات المتجردة القادرة على رسم خرائط الطرق، من دون التوقف عند الدخول في الزواريب الضيقة للسياسات المحلية.

* ليس من مهمة بكركي اختيار رجال السياسة على كل المستويات، من رئاسة الجمهورية حتى الوزراء والنواب، حتى لا تتحول إلى مؤيد أو داعم لهذا الفريق دون ذاك.

* اعتماد سياسة انفتاحية على جميع المكونات الطائفية والمذهبية في التركيبة اللبنانية، على خلفية وطنية جامعة.

* عدم السماح لأي من الأحزاب والتيارات السياسية أن تعتمد الصرح متراساً ضد الآخرين، إن في الطائفة أو خارجها، وأحياناً لقضايا تافهة الهدف منها إثارة النعرات.

* السعي لأن تكون بكركي منصة لقاء لكل مكونات التركيبة اللبنانية، وجامعة لهذه المكونات، وليس للمسيحيين فقط.

لا يقتصر دور بكركي التاريخي على جمع الأفرقاء عندما يكونوا مختلفين، بل ان ترسم لهم السياسات بتجرد ليسيروا عليها، كي يحققوا الأهداف التي تحافظ على ديمومة الوطن المرتبط بها بشكل عضوي متكامل. وهذه السياسة يجب أن تكون ثابتة لا تتغير أو تتبدل عند أي تغيّر ظرفي أو روتيني، وإلاّ فإن الطائفة ستجد نفسها في وضع تراجعي، وربما مأساوي، كما هو حاصل منذ عدة عقود!

error: Content is protected !!