يختلف زياد بارود عن القسم الأكبر من أقرانه المرشحين “التقليديين” لرئاسة الجمهورية.
زياد بارود من طبقة مختلفة.
هو من عالم الـ”تكنوقراط”، لكنه اقتحم السياسة. لم يرثها، ولم يحترفها.. وعندما شعر أنها “لوثة” يصعب “الطهارة” منها، خرج منها وهو يحاول التبرؤ من “معاصيها”.
عندما وقع عليه الاختيار ليكون وزيراً للداخلية، جاءته على “طبق من فضة”، وظنّ أنه يستطيع أن يصنع فرقاً، وهو الآتي من طبقة رجال القانون. سريعاً حظي باحترام اللبنانيين الذين كانوا يشهدون على وزير داخلية من “عجينة” مختلفة. لم يقدّم صورة “القبضاي”، ولا أداء “الميليشاوي”، ولا سلوك “الوزير المخملي”. كل ما فعله زياد بارود أنه قدّم حقيقة نفسه: الشاب الهادئ، الرصين، المحترَم والمحترِم، صاحب الأخلاق الرفيعة، والحصانة المنيعة على الفساد، والقاني الذي لا يفرّط بحقوق الدولة ولا بحقوق الناس. كأنه كان يمسك بكتاب التربية المدنية الذي كان يدرسه في المرحلة الابتدائية.
وعندما اكتشف زياد بارود أنه عاجز عن إدارة وزارة مليئة بالصواعق السياسية، والأفخاخ الشخصية، والمداخلات الطائفية والمذهبية، والسقوف المرتفعة، والحمايات الرسمية والسياسية.. “ضبضب” أوراقه على عجل وخرج من الداخلية من دون أن يصاب بـ”فيروسات” تنتشر في يومياتها وتشعباتها.
ولأنه كشف في الداخلية ما يوجد خلف السور من وباء مستور، كنموذج عن كل الدولة، لاحقوه إلى صومعته القانونية ليتهموه بأنه “ضعيف” و”لا يواجه”، في حين أن خروجه كان تعبيراً عن قوة لا يمتلكها غالبية السياسيين الذين يتحصّنون بعصبيات متعدّدة للحفاظ على بقائهم خلف سور الدولة، وفي أي موقع، مهما علا أو صغر شأنه.
إشكالية زياد بارود مع ترشيحه لرئاسة الجمهورية، هي نفس إشكالية خروجه من وزارة الداخلية. هو لا يسعى إلى منصب، وإذا سعى المنصب إليه فهو جاهز ليضع بصماته في الدولة، ويثبت للبنانيين أنه يمكن صناعة فرق، والفرق هنا مع زياد بارود أن الغاية لا تبرّر الوسيلة، لكن الوسيلة التي تتاح هي الطريق لتحقيق الغاية.
هذه نقطة قوة زياد بارود الشخص المؤمن بقناعات وثوابت، وفي الوقت نفسه نقطة ضعف زياد بارود في الطريق إلى بعبدا.
يتمنى أن يدخل القصر الرئاسي؟ بالتأكيد، ولكن ليس بأي وسيلة، ولا من دون هدف، ولا ليكون مجرّد “فخامة رئيس”…