التنافس السياسي الماروني يهدد مستقبل الطائفة!

| مرسال الترس |

باتت هناك قناعة مطلقة لدى العديد من المفكرين و”عقلاء” الطائفة المارونية في لبنان، أن استمرار التنافس المفتوح الأفق، وغير المرتكز على قواعد ثابتة، بين الزعماء الممسكين بزمام الطائفة منذ نحو خمسة عقود، سيؤدي، عاجلاً أم عاجلاً، إلى المزيد من تدهور وضعها في الحياة السياسية اللبنانية. لا بل أكثر من ذلك، سيؤدي بها لأن تدفع أثماناً باهظة، قد توصلها إلى مرحلة تستجدي حصصها في تراتبية الحكم في هذا الوطن الذي رسم خرائطه الاستعمار الفرنسي ليكون نقطة ارتكاز له في شرق المتوسط.

فها هو ذاك الاستعمار يخرج تدريجياً من دائرة التأثير الإقليمي، بعد أن تحوّل الى شبه متلقٍ لما ترسمه الإدارات الأميركية التي تعزّز وجودها عالمياً… ومعه ينهار “الطفل المدلل” على مراحل، ويخرج من دائرة التأثير الفرنسي إلى الهيمنة الأميركية التي بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي بفرض حضورها على المنطقة، وتحويل الكيان الإسرائيلي إلى المؤثر الأول، والذي وفق ما تخطط وترسم، يتحول هذا الكيان إلى “السيد المطلق” في المنطقة، وهو ما يُترجم حالياً بعبارة “دخول المنطقة العصر الاسرائيلي”!

القول الثابت في التاريخ هو “عند تغيير الدول، إحفظ رأسك”، والذي لم يُفلح معظم الزعماء الموارنة في لبنان في استيعابه، لأنهم انطلقوا في حياتهم السياسية من مقولة “… ومن بعدي الطوفان”، ولم يفكروا لحظة في مستقبل الطائفة التي خرجت تدريجياً من تأثيرها المحوري منذ الاستقلال على الحياة السياسية اللبنانية، لصالح الطوائف الأخرى التي كانت أقل منها بكثير تأثيراً في تسيير أمور دولة الاستقلال وما بعدها.

ولذلك، فإن تأثير الأفرقاء المسيحيين اليوم، وتحديداً الموارنة منهم، على اختيار رئيس الجمهورية الماروني الرابع عشر، من منطلق أنهم الأضعف بين جميع الأفرقاء الآخرين، نتيجة صراعاتهم وتشرذمهم، لا بل وعدم قدرتهم على تنسيق مواقفهم لتسمية من يمثلهم، أو لدعم الشخصية التي يعتقدون أن بمقدورها أن تحفظ وجودهم ضمن التركيبة اللبنانية.

ولذلك، فهم يظهرون بموقف المتلقي وليس بموقف الفارض لموقفه، مهما أظهروا من مكابرة في وسائل الاعلام التي تعمل على إيصال أصوات بعضهم ممن يملكون كتلاً وازنة، فإذا بهم يلجأون الى هذه الكتل الأقل عدداً ليدعموا مطالبهم التي بمعظمها تخرج من مصالح شخصية ضيقة، أو يقفون على أبواب السفارات والقصور في هذه العاصمة الإقليمية أو تلك الدولية، لتحقق لهم أمنياتهم. في حين أن تلك السفارات أو تلك العواصم لن تنظر اليهم إلاّ وفق ما يخدم مصالحها واستراتيجياتها.
ولذلك، سيجدون الموارنة أنفسهم بعد سنوات قليلة يبكون على تاريخ لم يستطيعوا الحفاظ عليه كالرجال الآشداء. مع التمنيات بأن لا يخسروا الوطن ككل.