| رلى إبراهيم |
رغمَ وضوح كلمة السرّ السعودية بشأن قائد الجيش جوزيف عون على أنه مرشّحها الوحيد، «تمرّد» قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع على الإملاء، خاتماً حديثه مع الموفد السعودي يزيد بن فرحان بأنه سيعلن تأييده للقائد عندما يلقى تأييد كل من كتلتَيْ حركة أمل وحزب الله، مشيراً إلى أنه في الوضع القائم حالياً لا يمكن أن يبلغ عون عتبة الـ40 صوتاً بسبب رفض غالبية الكتل تبنّيه، واقتصار تأييده فقط على حزبي الاشتراكي والكتائب وبعض النواب السنّة، إضافة إلى بعض نواب المعارضة.
وقد أسرّ جعجع إلى ابن فرحان وفقَ أوساط مطّلعة، أنه لن يذهب لانتخاب مرشح يرفض الاجتماع به ومناقشة مشروعه ويريد «أن يفرض نفسه بالقوة دون النزول من عرشه». على أن موقف معراب لا يتعلّق فقط بمشروع قائد الجيش أو زيارته إليه، إنما بما يراه جعجع فرصته الأنسب للوصول إلى قصر بعبدا نتيجة التقاء كل الظروف الدولية والإقليمية والمحلية حول مصلحته. لذلك يعمل على حرق كل المرشحين وأولهم عون حتى تخلو الساحة أمامه ويصبح أمراً واقعاً بعد سقوط كل المرشحين. وما كان يضمره جعجع بخفر بات أكثر وضوحاً؛ ففي الأيام القليلة الماضية دأب على ربط تبنيه ترشيح عون بموافقة الثنائي الشيعي عليه من منطلق عدم قدرته على نيل 86 صوتاً من دونهما ومن دون النواب الذين يمونون عليهم، إضافة إلى تكتل «التيار الوطني الحر» الرافض كلياً لعون. لكن كانت لافتة اليوم مطالبته الثنائي بموقف واضح من ترشيح عون في حين أنه وكتلته يرفضان تبني عون بشكل رسمي رغم أنه مطروح من عرّابي القوات أي السعودية بشكل أساسي والولايات المتحدة بدرجة ثانية.
وذهب جعجع أبعد من ذلك بالقول: «إذا بدّل فريق الممانعة في رأيه وبشكل علني وواضح، بإعلانه رسمياً ترشيح العماد جوزيف عون، فنحن مستعدّون للنّظر بإمعان في هذا الأمر»، ما يشير إلى عدم تأكيد السير به حتى إذا ما توافق الكل عليه بل عندها «ستنظر» كتلة «القوات» في الموضوع. ولعلّ هذا الموقف هو الأوضح والأكثر تعرية لنوايا جعجع منذ إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري عن عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية بتاريخ التاسع من كانون الثاني (غداً)، حيث كشف جعجع عن عدم تأييده عون حتى لو استطاع حصد غالبية الأصوات.
وفي هذا الإطار، كثّف جعجع من اتصالاته يوم أمس بكل قوى المعارضة والنواب المستقلّين، مُحاولاً إيجاد مخرج، ولا سيما بعد فشل خطته بتطيير نصاب الجلسة في حال تمكّن الفريق المواجه من فرض مرشح بالنصف زائداً واحداً خلال الجلسات المتتالية، إذ أبلغته قوى المعارضة «عدم نيتها الانسحاب»، خصوصاً أن المرشحين الرئاسيين المطروحين على الطاولة ليسوا مرشحي مواجهة ولا ينتمون إلى فريق معيّن. فضلاً عن «تيقّن الثنائي من ضرورة الإتيان بمرشح غير مستفز للجنة الخماسية لحاجة لبنان إلى المساعدات والانفتاح الخليجي والغربي عليه مرة أخرى». وقد جرى التداول مساء أمس في عزم «القوات» وقوى المعارضة الإعلان اليوم عن تبنيهم ترشيح جهاد أزعور كمرشح توافقي قادر على نيل تأييد فئة واسعة من ضمنها «التيار الوطني الحر»، غير أن العقبة الأساسية حتى ساعات متأخرة من الليل كانت بتمسك حزب الكتائب والنائب ميشال معوض بعون أولاً ورفضهما الانضمام إلى لائحة المؤيدين لأزعور. فيما تخوّفت قوى أخرى أن يخفي موقف جعجع المؤيد لأزعور نيته بحرقه مجدداً في حال رفض الثنائي السير به، علماً أن قائد «القوات» كان قد أخرج منذ يومين أرنباً جديداً، وهو الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، من دون أن يكون للأخير أي دعم شعبي أو محلي أو خارجي.