| خلود شحادة |
على وقع “تكتكة” الساعة حتى بلوغ الساعة الـ11 من صباح يوم الخميس، ينتظر اللبنانيون جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، بعد فراغ دام أكثر من عامين.
جلسة تجعل اللبنانيون يعيشون “هيبة” الانتخابات الديموقراطية، حيث يدخل الـ128 نائباً إلى المجلس النيابي بسلة أسماء تتوزع عليها أصوات المجلس، الذي عرف أنه “موزاييكي” منذ نتائج الانتخابات النيابية عام 2022.
جلسة التاسع من كانون الثاني غير مضمونة النتائج، كما جرت العادة لبنانياً، باستثناء تجربة العام 1970 عندما انتخب سليمان فرنجية الجد بفارق صوت واحد عن الياس سركيس، أي أنها جلسة “suspense” بانتظار النتائج “غير المتوقعة”.
وعشية الانتخاب، تلعب “الإرادة” الخارجية، متمثلة بالولايات المتحدة الأميركية والسعودية، دوراً قوياً في تسويق انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية في جلسة الخميس، إلا أن هذا الأمر لم ينجح حتى مساء الأربعاء في تأمين العدد الكافي من الأصوات التي تسمح بانتقال عون من اليرزة إلى بعبدا.
وحتى الإدارة الفرنسية، انتقلت من التسويق لمرشحها السابق سمير عساف، إلى الترويج لقائد الجيش، في محاولة للتماهي مع الموقف الأميركي داخل لبنان، بعد تراجع الدور الفرنسي في تحريك عجلة الانتخابات الرئاسية.
“استعجل” رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتصريحه القائل “بكرا في رئيس”، في الوقت الذي لم تتحدث أميركا بنفسها بهذه الثقة!
على مقلب آخر، تولى وئام وهاب عملية “تسعير” الصوت الانتخابي في جلسة مجلس النواب، متهماً النواب الذين قرروا انتخاب عون، ببيع صوتهم للسعودية بقيمة 300 ألف دولار!
هذا “التكاتف” الدولي لتعبيد طريق اليرزة ـ بعبدا أمام قائد الجيش، لم يؤمن بعد كل “العدة اللازمة”، لأن عون موظف فئة أولى، وبالتالي يحتاج انتخابه إلى تعديل دستوري، وهذا التعديل يحتاج إلى موافقة ثلثي المجلس النيابي.
هذا التعديل يشكل عائقاً أمام انتخاب عون، حيث أن الكتل الثلاث: “لبنان القوي” و”التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة”، تجمع لوحدها 43 صوتاً، إضافة إلى بعض الأصوات المتفرقة المعترضة على تعديل الدستور، أي أن هناك “ثلث معطّل” في مجلس النواب، يعترض تعديل الدستور.
هذا “الموازييك” بتوزع أصوات النواب على سلة المرشحين المحتملين، يجعل الضباب يلف جلسة الخميس، مما يعيق تصاعد الدخان الأبيض لانتخاب رئيس.
إذاً، تشخص الأنظار إلى “الثنائي الشيعي”، مع ما يشكله من “بيضة قبان” في ملف انتخاب رئيس الجمهورية، إلا أن “الثنائي” ترك باب “عين التينة” و”حارة حريك” موارباً، لم يغلقه بالكامل بوجه البعثات الدولية، وهذا ما يوضح سبب عدم فرض “فيتو” من قبل “الثنائي” على الأسماء المدعومة دولياً، ومنها جوزاف عون، وبالتالي أبقى “الثنائي الشيعي” الخيارات مفتوحة على “إسم توافقي” في آخر بيان لكتلة “التنمية والتحرير” قبل جلسة الانتخاب.
نظرية “الباب الموارب” التي يعتمدها ثنائي “أمل” ـ “حزب الله”، يعزوها البعض إلى أنهما ينتظران “سلة متكاملة” من الولايات المتحدة الأميركية مرتبطة بالقبول بالرئيس العتيد، خصوصاً إذا كان جوزاف عون هو الإسم المطروح.
هذا يعني، أن حجم السلة يتغير. إن كان عون هو الإسم الذي سيبتناه الثنائي، فسينعكس ذلك على ضمانات لـ”أمل” و”حزب الله” مرتبطة بتشكيل الحكومة المقبلة، والتوازنات والتشكيلات فيها، وضمان وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل لجيش الإحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، إضافة إلى ملف إعادة الإعمار بعد الحرب، ودعم لبنان اقتصادياً لتخطي أزمته العالقة منذ سنوات أربع.
أما إذا كان الاسم مختلفاً، وتم التوافق عليه داخلياً، فحجم التسوية يختلف نسبياً، بين الأفرقاء السياسيين اللبنانيين، إلا أنه لا بد من الإشارة إلى أنه بحال عدم حصول عون على عدد الأصوات المطلوب لوصوله للرئاسة، سيتم الانتقال دولياً إلى تبني إسم آخر للتسويق له، وهنا سيكون الأمر مفتوحاً على كل الخيارات المتاحة، وبالتالي ستتغير أولويات “الثنائي الشيعي” وقراره بالنسبة للمرشح.
هذه التكهنات كلها، مرتبطة بعدم حصرية “الحظوظ الرئاسية” بإسم معين، أي أنه لا يمكن لأحد التوقع كيف يمكن أن تنقلب الأحداث فجأة، بين تسوية داخلية تتضمن كل الأسماء، أو خارجية تتضمن جوزاف عون وجهاد أزعور والياس البيسري.. حتى الآن.. “إلا إذا تغير شي” على مبدأ زياد الرحباني!
هذا يعني، أنه حتى مساء الجلسة، ما زال حلم الرئاسة بالنسبة لعون بعيداً، وتسود حالة من الترقب بانتظار الساعات الأخيرة التي ستكون مفصلية حتماً.