/ غاصب المختار /
بدأ الحراك الجدّي لدى أركان الطائفة السنية، لملء الفراغ الذي أحدثه تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي والنيابي، بهدف التوصل إلى موقف سياسي ونيابي لدى الطائفة من استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية، ولاسيما بعد إعلان مكتبه الإعلامي مؤخراً أن الرئيس الحريري “لن يتدخل في أي استحقاق أو مشروع سياسي”. وكان هذا البيان كفيلاً بتأكيد فشل تكوين كتلة أو تجمّع نيابي، ولو بعدد محدود من النواب السنة الـ 27، بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الانتخابات النيابية، تسدّ غياب الكتلة السنية الكبيرة التي كان يمثلها الحريري، وبعد تبعثر نواب الطائفة الحاليين بين أكثر من كتلة نيابية وتوجّه سياسي.
وبحسب المعلومات، ترعى دار الفتوى وتؤيد أي حراك سياسي ونيابي يهدف إلى بلورة موقف أو حضور وازن للطائفة في المجلس النيابي، لا سيما أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ـ المفروض انه ممثل الطائفة في السلطة التنفيذية ـ لم يخض الانتخابات النيابية، ولم تتكون بالتالي كتلة سنية “تقليدية” لها وزنها وحضورها في المجلس، ولو أنه يعمل بصمت مع المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان لتكوين “حالة سنية” برلمانية ما. كما أن الرئيس فؤاد السنيورة خسر الانتخابات النيابية وفشل في تكوين كتلة صغيرة لها رأيها، ولو أنه يسعى مع الساعين لتكوين مجموعة نيابية تلتزم قرار قيادات الطائفة، فيما لم يُثبت النواب “الصقور” الآخرين، ممن طرحوا أنفسهم “معارضين للنهج القائم وتغييريين ومستقلين” حضوراً كافياً يؤثر في المجلس.
على هذا، بقيت محاولات بعض النواب السنّة لجمع أكبر عدد ممكن من النواب على موقف واحد، وباشر بعضهم، مثل وليد البعريني وإيهاب مطر، اتصالات شملت حتى الآن نحو 17 نائباً سنيّاً، بهدف عقد اجتماع موسع خلال أسبوعين أو أكثر، تكون حاضرة لقول كلمتها متى بدأ العد العكسي للانتخابات الرئاسية، عندما يوجه رئيس المجلس نبيه بري الدعوة رسمياً لجلسات انتخابية في أيلول المقبل.
وبحسب معلومات مصادر متابعة للحراك النيابي القائم حالياً، فإن الدافع الأساسي له كان غياب صوت سني وازن وصوت موحد مع بداية عمل المجلس الجديد، سواء في انتخاب رئيس مجلس النواب وهيئة مكتب المجلس، أو في تكليف رئيس الحكومة، إضافة إلى التشرذم الحاصل لدى مناقشة مشاريع واقتراحات القوانين. لذلك كان لا بد من توحيد الصوت السني في حوار بين نواب الطائفة “بما يخدم بالدرجة الأولى مصلحة الناس، ولإيجاد قواسم مشتركة حول انتخاب رئيس الجمهورية وفي العمل التشريعي والخدماتي والانمائي”، كما تقول مصادر النواب.
ولكن يبقى السؤال: إلى أين يمكن أن يصل مثل هذا الحراك في ظل الانقسامات وتعدّد التوجهات والاهداف و”الطموحات”، وحسابات ما بعد الانتخابات الرئاسية لجهة تكليف رئيس جديد للحكومة؟
لا يمكن تكوين إجابة واضحة على هذا السؤال قبل اتضاح نتائج الحراك السني القائم. هل ينجح بتكوين مجموعة نيابية وازنة قادرة على فرض اسم معين لرئاسة الجمهورية ومن ثم اسم رئيس للحكومة؟ أم يؤدي استمرار الانقسامات بين توجهات التقليديين والتغييريين والمعارضين إلى فرط المسعى القائم؟
وأيضاً ثمة سؤال: هل يبقى سعد الحريري متفرجاً، أم يكون له موقف ما ولو من تحت الطاولة، سلباً أو إيجاباً، لمواجهة محاولات وراثته سياسياً ونيابياً، يغيّر في مسار الحراك القائم؟