الأربعاء, مايو 21, 2025
الرئيسيةSliderالحريري خارج اللعبة البلدية.. قرار إنمائي أم عزلة سياسية مفروضة؟

الحريري خارج اللعبة البلدية.. قرار إنمائي أم عزلة سياسية مفروضة؟

| فرح سليمان |

في مشهد سياسي لبناني يزداد تعقيداً، أعلن الرئيس سعد الحريري انسحاب تيار “المستقبل” من الانتخابات البلدية المقبلة، مبرراً قراره برغبة في الحفاظ على “الطابع العائلي والإنمائي” لهذا الاستحقاق.
لكن خلف هذه العبارة، تختبئ تحديات إقليمية ومحلية، تُظهر أن القرار لا ينفصل عن السياق السياسي الأوسع المتعلّق بالعلاقة المتوترة مع السعودية، ومحاولات إقصاء “الحريرية السياسية” من المشهد اللبناني.

تبرير إنمائي لقرار سياسي
يقول الحريري إن الانتخابات البلدية يجب أن تبقى بعيدة عن التجاذبات السياسية، معتبراً أن “لكل بلدة شؤونها الإنمائية”، لكن المعطيات السياسية تدلّ على أن السبب الحقيقي لانسحاب “المستقبل” يغود إلى “فيتو” سعودي واضح، منع التيار من خوض الاستحقاق، لا ترشيحاً ولا دعماً، حتى في العاصمة بيروت التي طالما اعتبرها الحريري معقله السياسي الأول.

انقلاب الحلفاء
في ظل غياب تيار “المستقبل”، يتحرك النائب فؤاد مخزومي، بالتنسيق مع “القوات اللبنانية” والرئيس نواف سلام وفؤاد السنيورة، لتشكيل لائحة انتخابية تسعى إلى الاستحواذ على حصة التيار في المجلس البلدي البيروتي، متعاملين مع أنفسهم على أنهم الممثلون الفعليون لـ”الأكثرية السنية” في العاصمة.

هذه المحاولة لا تعكس فقط رغبة في ملء الفراغ الذي يخلّفه الحريري، بل تكشف عن مشروع إعادة تشكيل التمثيل السني في بيروت، بوجوه وتحالفات جديدة، يبدو أنها تحظى بغطاء خارجي، وتسعى إلى إزاحة “الحريرية السياسية” من موقع القيادة الطائفية والمجتمعية، بعد عقود من السيطرة.

بيروت خارج الحسابات؟

الانسحاب من المعركة البلدية يضع تيار “المستقبل” أمام اختبار وجودي، فالعاصمة التي لطالما شكلت مركز ثقله السياسي والاجتماعي، تُسلَّم اليوم لتحالفات متناقضة ومتناحرة، بعضها يحمل طابعاً طائفياً واضحاً، في حين أن الحريري يبدو كمن يسلّم العاصمة طوعاً تجنباً للاصطدام أو لمزيد من الانقسامات الداخلية، فإن الخطوة تكشف عن مأزق حقيقي يعيشه التيار، بين الولاء للمرجعية السعودية من جهة، والحفاظ على الحضور الشعبي والسياسي من جهة أخرى.

قرار الحريري بالانسحاب يعيد طرح سؤال وجودي: فهل نشهد نهاية حقبة “الحريرية السياسية” فعلاً؟ وهل تسعى الرياض إلى إعادة صياغة تمثيل الطائفة السنية في لبنان بعيداً عن بيت رفيق الحريري؟

ما بين السطور، يظهر أن الحريري لم ينسحب طوعاً من الانتخابات، بل أُجبر على الخروج منها نتيجة ضغوط إقليمية، ليحمل القرار في طياته رسالة مفادها أن مرحلة جديدة من الصراع السياسي السني قد بدأت، فيها تحالفات جديدة ومراكز قوى تحاول فرض توازنات بديلة في العاصمة بيروت وسائر المناطق.

وفيما يكتفي الحريري بعبارات الدعم المعنوي للناجحين في الانتخابات، هل يكون هذا القرار بداية النهاية لتيار المستقبل، أم مقدمة لولادة جديدة.. من رحم العزلة.

مقالات ذات صلة