/سارة طهماز/
ربط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تصحيح أجور القطاع العام بإقرار الدولار الجمركي، في اجتماع خصّص لبحث ملف إضراب موظفي القطاع العام. وتوافق المجتمعون على أن الحلّ الشامل سيكون من خلال إقرار الموازنة، بما فيها من زيادات ضريبية أبرزها الدولار الجمركي الذي يوفّر واردات مالية إضافية للخزينة تتيح تمويل زيادة الأجور للعاملين في القطاع العام. كما تم الاتفاق على إقرار مشاريع قوانين عبر سلّة من الواردات الأخرى تؤمن واردات إضافية أيضاً للخزينة العامّة.
فهل إقرار الدولار الجمركي هو الحل لأزمة الشح في الخزينة العامة؟ وما هي التداعيات الاقتصادية؟ وهل سيكون على حساب جيوب المواطنين ويفاقم الأزمة الاجتماعية؟
الخبير في الشأن الاقتصادي غسان بيضون، يوضح في حديث لموقع “الجريدة”، أن مطار بيروت الدولي هو المنفذ شبه الوحيد لاتصال وتواصل لبنان مع الخارج، لاسيما في قدوم السواح والمغتربين إليه في مواسم الأعياد والاصطياف، والتي تشكل مواردها أهم مصادر لبنان من العملة الأجنبية التي تساهم في تخفيض عجز ميزان المدفوعات، الذي يعاني من انهيار تصاعدي منذ عدة سنوات، كان من أهم عوامل الانهيار المالي الذي ما زال لبنان يعيش ارتداداته وانعكاساته السلبية على اقتصاد البلاد وموارد الدولة ومختلف قطاعات الاقتصاد والنظام المصرفي وسعر الصرف وقيمة الليرة.
ويلفت بيضون إلى أنه، من حيث المبدأ، يمكن أن يساهم الدولار الجمركي في التخفيف من حدة أزمة المالية العامة وتأمين مداخيل إضافية تؤمن تسيير إدارات الدولة ومرافقها، غير أن حدود الدولار الجمركي يفترض أن يبنى على دراسات مالية تكون شفافة وصادقة وجدّية وعلى معلومات دقيقة وموثوقة، وهذا أمر شبه مستحيل، خاصة أن لا بيانات وأرقام موثوقة حول إيرادات الدولة الفعلية يمكن الاستناد إليها في هذا المجال، فضلاً عن أن الرقابة الجمركية شبه معدومة، بحيث سوف يزيد التهريب وتفوّت على الدولة مزيداً من المداخيل سوف يستفيد منها “مافيات” التهريب، وبالتالي لن يؤدي إقرار الدولار الجمركي سوى إلى مزيد من التضخم في العملة الوطنية وارتفاع الأسعار.
فإذا كان التعافي المالي صعب بوجود رقابة ضعيفة وحكومات غير فاعلة في الظروف العادية، فكيف في حالات تصريف الأعمال، و”حكومة مهمة” معززة بوزراء “مسعّراتيّة”، يقتصر دورهم على تسعير المحروقات والخبز والدواء والاتصالات وتنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي وشطب أموال المودعين لردم “الفجوة المالية” التي أحدثها الفساد والهدر في الإنفاق والاستدانة من دون ضوابط وبفوائد عالية، وفي غياب مختلف الأجهزة الرقابية والقضائية، وحتى التشريعية على عمل الحكومة، عن ممارسة دورها وصلاحياتها وضعف أدائها.