المجلس النيابي نحو “النكاية السياسية”.. “مش رايحة الا عالشعب”!

/ خلود شحادة /

في ساحة النجمة، يبدو لافتاً جداً الدمار الذي يصيب المحلات التجارية في أسواق المدينة. ألواح زجاجية على الأرض، محلات بلا أبواب، شعارات ثورية تخفي معالم جدران بيروت.. وأزقة باردة تفتقد الحياة التي كانت تعج بها.

وحدها أصوات ملالات الجيش، وسيارات “كبار الشخصيات”، من نواب ووزراء وسفراء، وضجيج يحدثه المراسلون الموجودون هناك لنقل الحدث، يحكم سلطته على الساحة التي افتقدت مؤخراً لهذا “الروتين النيابي”.

بمطرقة رئيس السن، ضبط الرئيس نبيه بري ايقاع الجلسة النيابية. خالف التوقعات، وكان سلسأً في آن.. صلباً في آن آخر. فاعتمد أسلوب “ضربة على الحافة وضربة على المسمار”. محاولاً بشتى الطرق، منع الفوضى “المصطنعة” داخل أروقة المجلس.

انتهت عراضات المنابر، مع انتهاء الجلسة، تمكن الرئيس نبيه بري من الوصول للمرة السابعة الى سدة الرئاسة، بأصوات النصف زائد واحد، من الدورة الأولى.
بيد ممدودة لكل من لم يصوت له، وبقلب أبيض يلاقي من اقترع بورقة بيضاء، أعلن بري انطلاق عجلة الاستحقاقات التي تنتظر البرلمان الجديد، بعيداً عن شعبوية الانتخابات، ورفع سقوف خطابات الخصومة بين القوى السياسية، داعياً الجميع الى التعاون والابتعاد عن “الزكزكة” لما فيه مصلحة لبنان.

وفي قراءة لأجواء الجلسة الأولى للمجلس الجديد، تلاشى بصيص الأمل من أن يكون هذا البرلمان مفتاح الحلول للأزمات التي يغرق فيها البلد.

انقسام حاد ظهر في أول استحقاق، عندما اكتشفت “القوات اللبنانية” وحلفاؤها من جهة، وبعض “المستقلين” من جهة أخرى، أنهم لم يتمكنوا من الحصول على الأكثرية المطلقة في المجلس العتيد، مما يعني عدم قدرتهم على صياغة القرارات كما تشتهي سفنهم.

على ما يبدو، أن الواقع الذي انكشف في أول جلسة، دفع هذه القوى الى اعتماد الخطة “ب”، وهي إثارة الضجة والفوضى في الجلسة النيابية، بما يشبه “الشغب”، للتأثير السلبي على العمل التشريعي.

هي ليست مجرد “فوضى”، انها ترسم صورة المرحلة المقبلة، بكل تفاصيلها وسيناريواتها المتوقعة على كل الصعد.

من المتوقع أن يكون التعامل مع كل الاستحقاقات المهمة المقبلة، على هذا النحو:

اذا تمكنت كتلة “القوات اللبنانية” من الاتفاق مع حلفائها، وبالتنسيق مع “المستقلين”، من الحصول على الأكثرية لإسقاط أو إقرار القوانين المقترحة، فسيكون مصيره بحسب ما تكون أهواء هذه القوى. وهو ما تعتبره الأوساط مستبعداً، على اعتبار أن ملف انتخاب بري كان خير دليل على ذلك بعد حصوله على الغالبية المطلقة.

أما إذا فشلت هذه القوى في “التكاتف”، فسيكون الاتجاه إلى إسقاط نصاب كل الجلسات، عندما تخرج الأمور عن سيطرتهم.

وإن صدق هذا السيناريو، فإنّ ما ينتظر البلد، ليس أقل صعوبة من الذي مر عليه. في ظل ارتفاع وتيرة الخصومة بين “الزملاء” في المجلس النيابي. ويطرح ألف علامة استفاهم حول استحقاقات، من المفترض أن تكون رافعة البلد في الأيام المقبلة، وهي تشكيل حكومة، وانتخاب رئيس الجمهورية، بالإضافة الى الملفات الأخرى العالقة كترسيم الحدود وملف الكهرباء والغذاء، وأموال المودعين وغيرها…

ومن اليوم، يكون لبنان قد دخل رسمياً، في دوامة “النكايات السياسية”، ومرحلة “بيي أقوى من بيّك” التي سيدفع ثمنها حتماً الشعب اللبناني بأكمله، بمزيد من الانهيارات المتتالية، والمصائب التي تهطل كالمطر على رؤوس الناس.