نبيه بري

خاص “الجريدة”: هذه صيغة التسوية بين “أمل” و”التيار”

/ خلود شحادة /

بالإبرة والخيط، تم “رتي” العلاقة بين حركة “أمل” و”التيار الوطني الحر”، بعد أن كانت قد تمزّقت معظم “عُرى” العلاقة بينهما قبل الانتخابات، ولم تنجح “هدنة الانتخابات” في ربط طرفي الحبل بينهما بعدها، حتى جاء استحقاق صياغة المواقع الدستورية في مجلس النواب: الرئيس ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس…

الفرز السياسي اشتدّ بحدّة، وكل فريق يحسب اللحظة بحساب ردّ الفعل، حتى بلغ الجميع حائط الاستحقاق منفردين!
بين “أمل” و”التيار” ما “صنع الحدّاد”، ولولا ذلك لما احتاج كل منهما مع “حليف الحليف” إلى هذه الحسابات الدقيقة لأصوات ستسقط في صندوقة المجلس يوم الثلاثاء.

التحدّي بلغ مداه، والشجرة التي صعد إليها الطرفان لم تعد أغصانها قادرة على الصمود بهما.

“أمل” تريد أصوات “التيار”، أو “ما تيسّر منها”، ليس للفوز، فهو مضمون، وإنما لخمسة أسباب:
ـ رفع عديد أصوات الفوز للرئيس نبيه بري، في معركة التحدي التي فُرضت عليه.
ـ زيادة منسوب “الميثاقية” في “تجديد الثقة” بالرئيس بري، رداً على التشكيك الذي صدر من خصوم في المقلب السياسي الآخر.
ـ ردّ الطعنة التي تلقاها بري من “القوات اللبنانية” التي لطالما حظيت بـ”رعاية خاصة” من رئيس المجلس.
ـ ترتيب “البيت السياسي” الذي ينتمي إليه الطرفان، لمواجهة استحقاقات كبرى يبدو أنها تحتاج إلى رص الصفوف.
ـ التجاوب مع جهود الحليف الأساسي الذي يريد إنهاء الخلاف بين حليفيه، أو تجميده في الوقت الراهن.
و”التيار الوطني” يريد أصوات “أمل”، لموقع نائب الرئيس، لأنه خارج من الانتخابات بكدمات موجعة، بغض النظر عن طبيعة احتساب النتائج، وذلك للأسباب التالية:
ـ لأنه لا يمكن تأمين نجاح مرشّحه الياس بو صعب إلى نيابة رئاسة المجلس، من دون شراكة بري.
ـ كي يكون شريكاً أساسياً في الاستحقاقات المقبلة.
ـ لقطع الطريق على الخصم اللدود، “القوات اللبنانية”، التي تتحيّن الفرصة للإنقضاض على “التيار”، بكل تاريخه وموقعه ودوره وحضوره وموقفه وتأثيره.
ـ لأن “التيار” يريد قطع الطريق على مرشح مسيحي آخر في موقع نائب رئيس المجلس، سواء كان من “القوات” أو مدعوماً منها.
ـ لأن المرحلة المقبلة تحتاج لدور فاعل في “مطبخ” مجلس النواب.

أما في الفرز السياسي للمواقف، فيمكن تسجيل التالي:
حزب “القوات اللبنانية”، أعلن عبر رئيسه سمير جعجع، عدم انتخاب المرشح الوحيد الرئيس نبيه بري، عازياً ذلك الى “عدم تحلِّي بري بالشروط” التي يفترضها جعجع على الرئيس الموعود، أو يريد فرضها!

حزب “الكتائب اللبنانية”، سار في الدرب نفسه، وأعلن عدم نيّته انتخاب بري.

قوى “التغيير”، انقسمت على نفسها، منهم من لم يعلن جهارة قراره، ومنهم من تماشى مع “القوات” و”الكتائب” بالرأي والموقف.

بطبيعة الحال، أعلنت كتلتا “الوفاء للمقاومة” و”التنمية والتحرير” تبنيهما ترشيح الرئيس نبيه بري.

أما “التيار الوطني الحر”، فالخطاب التصعيدي ضد بري أعطى إيحاء بعدم نيّة “التيار” انتخاب بري، ليكون المشهد مماثلاً لما قام به بري عند انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية.

الّا أن معركة “التيار” ـ “القوات” على مركز نائب رئيس المجلس، فتحت الأفق لحصول “تفاهم”: أصوات “التيار” للرئاسة مقابل أصوات “أمل” لنائب الرئيس.

مصادر موقع “الجريدة” كشفت عن إمكانية حصول بري على ما يقارب 65 صوتاً، من دون “التيار”. لكن زيارة عضو “تكتل لبنان القوي” النائب الياس بو صعب، مرشّح “التكتل” لمركز نائب رئيس المجلس، إلى عين التينة ولقائه الرئيس بري عصر السبت، تركت تساؤلات حول مدى امكانية المضيّ بهذه التسوية، خصوصاً في ظل الحرب الشرسة التي تشنّها “القوات اللبنانية” وحلفاؤها على “الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني الحر” وحلفائهما، وبالتالي على خيار المقاومة.

هذه التساؤلات، طرحت في سياق هدنة مرتقبة ستتم بين “أمل” و”التيار”، برعاية “حزب الله” في سبيل التكاتف لمواجهة “الهجمة القواتية”.

وتشير المعلومات، الى اتفاق تم بين الطرفين، يقضي بترك حرية القرار لنواب “أمل” و”التيار” بالتصويت لبري وبو صعب، هذا ما يعني بالتالي امكانية رفع حاصل بري من الأصوات إلى حوالي 75 صوتاً من أصل 128 صوتاً.

استطاع بري، رغم انخفاض عدد الأصوات التي ستمكّنه من الجلوس على كرسي الرئاسة للمرة السابعة على التوالي، أن يحجز مكانة أكبر من خلال:
– التأكيد على أنه، ما زال المرشح الأقوى والوحيد، ليس بحكم التوازنات الشيعية، وإنما بحكم الحاجة إلى دوره الذي يشكّل ضمانة لمختلف الأطراف، والذي لم يقطع خيوط التواصل والتفاهم مع جميع القوى السياسية.
– توسيع قاعدة التأييد الشعبي لبري، في الشارع الشيعي خصوصاً، والشارع المؤيد للمقاومة عموماً، وذلك بعد القول جهارة من قبل القوى التي ترفض التصويت لبري، أن سبب قرارها يعود الى خيارات بري الداعمة لسلاح المقاومة ومناهضة التطبيع، ودعم “حزب الله”.
ـ شق طريق جديدة، بين “أمل” و”التيار”، يبشّر بعلاقات قد تكون أفضل مما كانت عليه في المجلس النيابي السابق.

يوم الثلاثاء، وكالعادة، في ختام جلسة مجلس النواب، سيحمل بري مطرقته، معلناً انطلاق ماراثون العمل النيابي لأربع سنوات مقبلة، تقول الأحداث إنها ستكون حافلة بالتطورات ومحفوفة بالمخاطر، وهو ما يزيد الحاجة إلى بري في رئاسة المجلس، وإلى فتح صفحة جديدة بين “أمل” و”التيار”.