| جورج علم |
لماذا 18 شباط؟
هكذا شاء الأميركي. عاين الوضع في الجنوب. درس مسار الـ60 يوماً. إكتشف أن الثغرات ليست من طبيعة واحدة، وأن الطرفين المعنييّن بتنفيذ قرار وقف إطلاق النار، يناوران. الإسرائيلي يسعى إلى مزيد من الوقت لتنفيذ مآربه التوسعيّة، فيما “حزب الله” ويرفض أيّ تغيير في المسار، ويتشبّث بشعار الإنتصار.
وأسفرت الحركة الدبلوماسيّة المكوكيّة ما بين بيروت وباريس وواشنطن، وعواصم أخرى، على:
18 شباط، هو الحل الوسط، بين إصرار لبنان على فترة الـ60 يوماً، وإصرار “إسرائيل” على تمديد المهلة شهراً إضافيّاً. وإفساح المجال أمام الإدارة الأميركيّة الجديدة كي تمسك جيداً بالملف، وهي في القصر منذ أمس العصر.
و18 شباط، فرصة متاحة أمام الإدارة الأميركيّة “الترامبيّة” لإستكشاف آفاق المنطقة. إنها فرصة لقيام مورغان أورتاغوس ـ بديل هوكشتاين – بجولة تطمئن خلالها إلى صحّة قرار وقف إطلاق النار، الذي يعاني من إخفاقات، بعضها قاتل. وفرصة لتمكين الموفد الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف من إنجاز مهمته في الرياض. وفرصة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كي يجري محادثاته مع الرئيس الأميركي، هي الأولى بعد وصول الأخير إلى البيت الأبيض.
ويعود للأميركي الذي مدّد مهلة وقف إطلاق النار حتى 18 شباط، أن يكشف عن الخبايا والخفايا لما يُرتّب مع الإسرائيلي من حلول، ومخارج، أو مسارات وخيارات جديدة قد تكون مفاجئة للبنانييّن، ذلك أن الرئيس الترامب، المعجوق بتغيير الخرائط، والتلاعب بمصائر الشعوب والدول، إنطلاقاً من محاولاته جعل كندا الولاية 51، وضمّ جزيرة غرينلاند الدنماركيّة، وتحويل خليج المكسيك إلى الخليجي الأميركي، ووضع اليد على قناة بنما… يريد تهجير الغزّاويين من أرضهم إلى مصر، والأردن، من دون أن ينبث ببنت شفة عن مصير ومستقبل القضيّة الفلسطينيّة، و”حل الدولتين”.
ويعير إهتماماً خاصاً للمملكة العربيّة السعوديّة. قال إنه يريد منها تطبيع علاقاتها مع “إسرائيل”، والدخول في نادي “الصندوق الإبراهيمي”، وتوسيع مجالات إستثماراتها في القطاعات الأميركيّة بما يفوق مبلغ التريليون دولار.
وتنظر إدارة ترامب إلى وقف إطلاق النار من منظار مختلف. إنه ـ بنظرها ـ مجرّد محطة، أو “إستراحة محارب”، وليس نهاية مطاف. تنظر إلى الوضع في لبنان، من زواية نظرتها إلى إيران، وما تحضّره الكواليس المغلقة من هندسات أمنيّة، وإقتصاديّة، ومن ضمانات تريد فرضها عند مضيق هرمز، وباب المندب، وصولاً إلى البحر الأحمر.
حجة واشنطن “الترامبيّة”، أن “الخماسيّة العربيّة ـ الدوليّة”، قد أدّت قسطها للعلى، وقامت من الجهود، بأكثر ما هو مطلوب منها، وسهّلت إنتخاب رئيس للجمهوريّة من خارج “النادي السياسي اللبناني التقليدي” الموسوم بالفساد، واختيار وجه أكاديمي جديد لرئاسة الحكومة، والحرص على اختيار حكومة تحظى بثقة المجتمع الدولي، قبل أن تحظى بثقة المجلس النيابي.
إن بلوغ لبنان آفاقاً جديدة، ووصوله إلى منعطفات واعدة، يعفي الإدارة الأميركيّة من إلتزاماتها السابقة. إنها أمام خيارين، إما أن تأخذ “الخماسيّة” إلى حيث تريد، أو تتخلّى عن مقصورة القيادة، وتترجّل من القطار للتفرّد برسم الخيارات، وتحديد المحطات، ومنها ـ على سبيل الذكر لا الحصر ـ إستقدام “المارينز” إلى الجنوب، تحت راية الأمم المتحدة، ومن خلال المشاركة في قوات “اليونفيل” ـ بحجة تمكينها في لعب الدور المطلوب منها لوضع قرار وقف إطلاق النار موضع التطبيق الفعلي.
حجة واشنطن في ذلك:
• إن في لبنان أكثر من قراءة لبنود الإتفاق، خصوصاً ما يتعلق بسلاح “حزب الله”، وما بين جنوب الليطاني، وشماله.
• إن الجيش اللبناني، وخلال فترة الـ60 يوماً، لم يتسلّم قطعة سلاح واحدة من “الحزب”، ولم تصدر أي إشارة توحي بحسم حصرية السلاح.
• يحرص الجيش على السلم الأهلي، ومن منطلق هذا الحرص يرفض الدخول بأي مواجهة من شأنها أن تنعكس سلباً على وحدة الدولة والشعب والمؤسسات.
بالطبع، تمديد المهل ليس لمصلحة لبنان. وحجّته قويّة. حجته أن “إسرائيل” هي من يحتّل، وعلى المحتل أن يخرج، إفساحاً لوضع القرار الأممي 1701 موضع التنفيذ. لكن من عمل على تمديد المهل له حسابات، ومن الآن وحتى 18 شباط، هناك جولات من الجمع، والطرح، والضرب، والقسمة تمليها مصالح “ترامب” في المنطقة…