فخ الاستنساخ.. مجدداً!

| مرسال الترس |

في المئة سنة الأولى من عمر لبنان الكبير، وثمانية عقود ونيّف من عمر الاستقلال، لم يستطع اللبنانيون الوصول إلى بناء وطن كما يحلم به العديد من أبنائه الأنقياء. بل توصلوا إلى بناء تجمعات طائفية ومذهبية داخل وطن، لم يستطع أن يكون مستقلاً في أي لحظة، رغم كل الخطابات التي رُفعت وتُرفع حول السيادة والاستقلال. ولم يستطع أبناؤه أن يكّونوا فيه شخصية مستقلة، ولو إلى حدٍ ما، بل استمروا أسرى لكياناتهم الدينية الموزعة على تسعة عشر طائفة، وربما أكثر، كما أنهم أسرى ولاءاتهم الخارجية التي لن تنظر اليهم يوماً، الاّ عبيداً في خدمة مصالحها.

أكبر مثال على ذلك، هو ما تمت ترجمته في انتخابات رئاسة الجمهورية التي إنتظرت 24 شهراً من الفراغ القاتل، حتى تدخلت فيها العديد من العواصم والدول في الشرق والغرب، والإقليم والعالم، وفي مقدمها خمسٌ من العواصم التي أطلق عليها تسمية “اللجنة الخماسية” وتضم: واشنطن، باريس، الرياض، القاهرة والدوحة، التي عمل سفرائها “المستحيل” من أجل تخريج تلك الانتخابات حتى كادوا “يكفرون” بكل ما يمت إلى الانتخاب واللجان بصلة، وما يترتب عليها ومنها إذا كانت ترتبط بالساحة اللبنانية!

واليوم، الأزمة نفسها، أو ما يقاربها، لا بل على أسوأ، في تشكيل الحكومة الجديدة، التي هي الحكومة الأولى للعهد الذي يُفترض أن يرسم ما يشاء من المراسيم، لكي يدلّل على التوجه الذي يرغب به سيد العهد، ويده اليمنى، أي رأس السلطة التنفيذية…ولكن يبدو، أن ما يظهر من تسويات وشروط سيعكس “تشكيلة حكومية مستنسخة عن الحكومات السابقة”، كما جاء على لسان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ولا سيما بعد اتفاق الطائف، والتي عانى من أدائها اللبنانيون أمرّ الأمرّين:

* الحكومة الجديدة ستكون أسيرة مجلس نواب يتهمه اللبنانيون أنه كان شريكاً في الوصول إلى العديد من الأزمات الخانقة، وإلاّ كان قد عمل بكل ما يملك من تشريع إلى وضع الحكومات أمام مسؤولياتها ومحاسبتها.

* الحكومة الجديدة ستكون أسرى الأحزاب والتيارات وقوى الضغط السياسية، التي لولا حمايتها للحكومات، وكانت بالأصل وراء تشكيلها، لكانت قد عملت على دفعها لتقف أمام القضاء، أو على الأقل أمام الهيئات التي تحاكم الوزراء والمسؤولين على ما اقترفوه من موبقات.

واليوم يعود المسؤولون إلى تكرار المشهد نفسه… إلاّ إذا!

فهل سيسجل أهل السلطة المواقف التي تجعلهم مميزين فعلاً، ويعملون على بناء وطن يرفع أبناؤه رأسهم فيه، أم أنهم سيقعون في نفس الفخ الذي وقع فيه من سبقهم، ويستمر اللبنانيون في دفع الأثمان حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا؟!