| مرسال الترس |
يأخذ بعض من رفعوا يوماً راية “14 آذار” على رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، أنه لم ينبس ببنت شفة إزاء المستجدات غير المتوقعة التي عصفت بالساحة السورية، وترك الأمر لنجله النائب طوني فرنجية في التعبير عن الموقف، حيث جاء في تغريدة له: “الأولويّة في سوريا هي لانتقال سلمي للسلطة، يرسّخ استقرار البلاد، يحمي ويعزّز مؤسسات الدولة، مع ضمان حقوق جميع أبنائها على تنوعّهم. و لطالما كان استقرار لبنان مرتبطاً بشكل وثيق باستقرار سوريا”.
وقد كسر هؤلاء العاتبون طوق الحياء في مبالغتهم بالاحتفال بسقوط النظام في سوريا وخروج رئيسه من البلد، وكأنهم أحد فصائل الثورة التي سيطرت على السلطة، بعد أكثر من خمسة عقود على حكم رسّخ حضوره على الساحتين الإقليمية والدولية الرئيس الراحل حافظ الأسد.
قد يكون “أبو طوني”، الذي يمضي معظم أوقاته في دارته في بنشعي، من الذين أبدوا أسفاً شديداً على ما حصل لصديقه الشخصي الرئيس السابق بشار الأسد، الذي تولى السلطة منذ مطلع هذا القرن بعد وفاة والده، كما هي حال العديد من الأفرقاء على الساحة اللبنانية الذين كانت تربطهم علاقات ودية مع قيادة سوريا.
لكن الفارق كبير في الأداء بين الذين أبدوا عتبهم، وبين فرنجية الذي ترتبط عائلته بصداقة مع آل الأسد منذ منتصف القرن الماضي، حين انتقل جده رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية ومعه الرئيس الشهيد رينه معوض، على هامش ثورة 1958 ضد رئيس الجمهورية الراحل كميل شمعون، إلى ضيافة عائلة آل الأسد في القرداحة، بعد صدور مذكرات توقيف بحقهما من قبل القضاء اللبناني على خلفية أحداث أمنية.
وإذا كان بعض المغالين في فرحتهم لسيطرة الفصائل المعارضة المسلحة على السلطة في سوريا، قد تجاوزوا مواقفهم السابقة إزاء “سوريا ـ الأسد” وعلاقاتهم الظاهرة والخفية مع أركانها، إن في سوريا أو في لبنان، فإن فرنجية بالتأكيد سيدلي برأيه بوضوح عن تلك الأحداث من دون مواربة، كما العديد من القضايا الحساسة التي مرّت على البلد، ومن دون أي تعقيد أو الإختباء وراء الإصبع، غير متحسّس من المستقبل، لأنه يتكئ إلى تاريخ عائلته في العمل العام الذي يمتد نحو 125 سنة، منها ثمانية عقود بعد الاستقلال نواباً ووزراء ورؤساء جمهورية مشهود لهم في ما تركوه من حيثيات ترفع الرأس، ونحو خمسة عقود قبل الاستقلال في إدارة الشأن العام بشفافية تامة كرّست زعامتهم للعائلة والأنصار الذين كانت ترتفع أعدادهم باستمرار.
وعليه، فالخوف على مستقبل الذين يتقلّبون في ولاءاتهم مع ثقة مشكوك فيها بما يرفعون معها من شعارات، وبين الذين يتمسّكون بمبادئهم ومواقفهم، حتى ولو كان ذلك يواكب أعتى المخاطر!