خاص “الجريدة”. ـ “همس” عن تواطؤ رسمي بتخفيض دعم النازحين.. وUNHCR تستدرك بمراسلة الحكومة!

| خلود شحادة |

أثار قرار المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة UNHCR، بإقفال عدد من مكاتبها، وتخفيض تقديماتها للنازحين السوريين، صدمة كبيرة على المستويين السياسي والرسمي في لبنان، خصوصاً أن هذا القرار له تداعيات خطيرة على أكثر من مستوى في الواقع اللبناني، إجتماعياً واقتصادياً ومالياً وأمنياً، فضلاً عن التبعات الخطرة التي سيحملها لبنان.

وبعد أن كشف موقع “الجريدة” قرار المفوضية، أصابت حالة من الصدمة والذهول بعض المسؤولين اللبنانيين والمعنيين بشكل مباشر بالملف، وهذا ما يضعنا أمام احتمالين:

الأول، أن الدولة اللبنانية، بأكملها، كانت مغيبة عن قرار بهذا الحجم، لوضعها أمام الأمر الواقع، مما يشكل إهانة للدولة اللبنانية، واستهتاراً بالمسؤولين اللبنانيين.

الثاني، أن بعض المسؤولين كان قد أبلغوا بشكل غير رسمي، بهذا القرار، أو كانوا على اطلاع عليه، إلا أنهم غضوا النظر عن الملف، وغيبوا الدولة اللبنانية، لأسباب مجهولة.

لكن كشف موقع “الجريدة” لمضمون القرارات الخطيرة التي اتخذتها مفوضية اللاجئين، أماط اللثام عن تقاعس لبناني رسمي، وربما عن قصد، في مواجهة قرار الأمم المتحدة، في حين تردّد الكثير من الهمس حول ما يمكن توصيفه بأنه “تواطؤ” من بعض كبار المسؤولين الحكوميين، وتم ذكر أسماء محددة، في محاولة تغطية قرارات المفوضية، خصوصاً أن هذه القرارات يبدو أنها تستند إلى المؤتمر الثامن لـ “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، الذي انعقد في 27 أيار الماضي، والذي رفضت فيه الدول الأوروبية تسهيل عودة أكثر من 5 ملايين لاجئ سوري هجّرتهم الحرب منذ 2011، إلى دول عدة في طليعتها لبنان والأردن وتركيا والعراق، والذي عبر عنه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بالقول: “الظروف الحالية لعودة آمنة وطوعية إلى سوريا ليست متاحة”.

وكانت أرقام المساعدات المخصصة للنازحين السوريين في المؤتمر، قد أظهرت أن المجتمع الدولي يتخلّى تدريجياً عن النازحين، حيث اكتفى بتقديم نحو 2.2 مليار دولار للاجئين السوريين بين عامي 2024 و2025، سيخصص منها على مدى سنتين 560 مليون يورو فقط لدعم اللاجئين في سوريا ولبنان والعراق والأردن، ومليار يورو أخرى لتركيا.

ومع كشف موقع “الجريدة” خطة التقشّف، وجدت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين نفسها في موقف حرج، خصوصاً أنها اتخذت قراراتها بمعزل عن أي تنسيق مع الدولة اللبنانية، أو حتى إبلاغها بهذه القرارات.

وقد سارعت المفوضية إلى الاستدراك، محاولة تقديم “براءة ذمة”، فأرسلت كتاباً إلى عدد من الوزراء المعنيين بملف النازحين السوريين، تبلغهم فيه بقراراتها، تحت عنوان “توضيح بعض المعلومات المنشورة”. وقد حصل موقع “الجريدة” على نسخة من الرسالة ـ البيان.

النص الكامل لرسالة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة UNHCR

“تود المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين توضيح بعض المعلومات المنشورة مؤخرًا بشأن التغييرات التشغيلية والهيكلية القادمة التي تؤثر على عملها في لبنان.

هذه التغييرات، التي سيتم تنفيذها اعتبارًا من نيسان/أبريل 2025، ناجمة عن واقع انخفاض التمويل، الذي يؤثر على عمل المفوضية منذ عام 2016، والذي من المتوقع أن يستمر بينما تظل الاحتياجات في لبنان مرتفعة. تضطر المفوضية في لبنان إلى اتخاذ خيارات استراتيجية محسنة، تتماشى مع مهمة الحماية والمبادئ الإنسانية واعتبارات الكفاءة.

يُطلب من المفوضية والعاملين في المجال الإنساني في جميع أنحاء العالم بذل المزيد من الجهد بموارد أقل. وقد أجبر ذلك المفوضية في جميع أنحاء العالم، وفي لبنان على وجه التحديد، على تحديد الأولويات وإعادة ترتيب الأولويات. في لبنان، حصلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان على تمويل بنسبة 24% فقط حتى الآن لعام 2024 اعتبارًا من 31 حزيران/يونيو 2024. وتواجه وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في لبنان أيضًا تحديات تمويلية.

وتؤكد المفوضية أن التغييرات التشغيلية والهيكلية المقبلة ليست مصممة خصيصًا لوقف وظائف موظفي المفوضية. ومع ذلك، كان لا بد من اتخاذ قرارات صعبة لضمان استمرار تركيز عمل المفوضية على الفئات الأكثر ضعفاً، بهدف ضمان توجيه الموارد المحدودة المتوفرة لدينا نحو توفير الدعم الأساسي للمجتمعات الأكثر ضعفاً بطريقة ذكية وسريعة، مع تكاليف عامة متوسطة الحجم.

وللعام الثالث على التوالي، كانت هذه التغييرات كبيرة، وفي بعض الحالات، بعيدة المدى. ونتيجة لإعادة ترتيب الأولويات وتوسيع نطاق العمليات، سيتم للأسف إلغاء العديد من الوظائف التي يشغلها حاليًا موظفو المفوضية الدوليون والوطنيون وسيتعين إجراء تعديلات في بصمتنا الميدانية.

وتماشياً مع ولايتها العالمية، تلتزم المفوضية بدعم الحكومات المضيفة في استجابتها لأزمات اللاجئين. وتظل المفوضية ملتزمة بأن تكون شريكاً داعماً وشفافاً وبناءً في لبنان. وسوف نستمر في الدعوة بنشاط لمزيد من الدعم للبنان وحشد جهودنا لضمان استمرار الموارد الشحيحة في الاستجابة لاحتياجات واهتمامات الفئات الأكثر ضعفا في لبنان. بالإضافة إلى ذلك، سنواصل التأكيد على أهمية قيام المجتمع الدولي بإعطاء الأولوية للحلول الدائمة لضمان الحماية الدولية للاجئين والمساعدة في تخفيف الوضع في لبنان”.

error: Content is protected !!