| فاتن الحاج |
بعد انحراف التحقيقات في ملف تزوير الشهادات وتقاضي رشى لتسريع معاملات الطلاب العراقيين في وزارة التربية عن مسارها الصحيح، والعبث بالأدلة نتيجة الإقفال غير القانوني للملف في فرع المعلومات بطلب من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، كان متوقّعاً أن يصدر قاضي التحقيق في بيروت، القاضي أسعد بيرم، قراراً بمنع المحاكمة عن الرئيسة السابقة لدائرة الامتحانات الرسمية وأمينة السر السابقة للجنة المعادلات للتعليم ما قبل الجامعي أمل شعبان، مع تداول شائعات عن النية بإعادتها إلى منصبها في دائرة الامتحانات.
ووسط تساؤلات حول التسوية التي أُبرمت، وقضت بالظن بالمدّعى عليهما الأخوين رودي وأنطوني باسيم بجرم الرشوة دون غيرهما من الموظفين في لجنة المعادلات، خصوصاً أنه يصعب أن يتقاضى الموظفان رشى من دون علم مسؤوليهما (شعبان والمدير العام للتربية عماد الأشقر)، فإن الكرة أصبحت في ملعب كل من المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم حول ما إذا كان سيستأنف قرار قاضي التحقيق بمنع المحاكمة، ورئيس الهيئة الاتهامية القاضي ماهر شعيتو حول ما إذا كان سيتوسع في التدقيق في طريقة إقفال فرع المعلومات للملف، أي في أساس التحقيقات، أم أن الضغوط ستنجح مرة أخرى في طمس الأدلة على تمرير معادلات مخالفة للأصول القانونية، وعلى انعقاد اللجنة بغياب رئيسها (الأشقر) وإصدارها معادلات غير مستوفية للشروط وفي تواريخ غير سليمة. علماً أن وزارة التربية بكل مصالحها ودوائرها تعلم أن رودي باسيم كان اليد اليمنى لشعبان.
وما يزيد الهواجس حول هذه التسوية أن التحقيقات لم تتطرق إلى تغيير الموظفين لهواتفهم من أجل طمس الأدلة، وتعاملت بازدواجية مع ملفَّي لجنة المعادلات الجامعية ولجنة المعادلات للتعليم ما قبل الجامعي، علماً أنها تقارب موضوعا واحداً، إذ صدرت أحكام بالسجن 3 سنوات بحق موظفين في اللجنة الأولى، فيما بقي معظم موظفي اللجنة الثانية طليقين. وإذا كان قرار منع المحاكمة أعطى صك براءة لشعبان، فماذا عن الموظفة في لجنة المعادلات حسانة شهاب التي أعطاها القرار الصك نفسه بعدما خسرت وظيفتها وحوّلتها شعبان إلى تحقيق داخلي في الوزارة أدى إلى استدعائها إلى أكثر من جهاز أمني، فيما واصلت شعبان الحصول على كامل حقوقها المادية، إضافة إلى إجازة مدفوعة وهي في منزلها.
الأهم أن موضوعاً بهذا الحجم لا ينتهي بمنع المحاكمة، إذ ثمة مسار إداري لا يقتصر على المعادلات لم يسلكه التفتيش المركزي حتى الآن، بل يشمل الهدر الذي حصل إبان تولي شعبان دائرتين، والتلاعب بجدول التعويضات الذي استفاد منه محظيون بمبالغ ضخمة من الأموال العامة عبر تعويضات الامتحانات أو عبر المعادلات من البروتوكول العراقي، وهو ما لمسته الجهات المانحة التي رفضت دفع تعويضات الامتحانات بعدما اكتشفت التلاعب الفاضح الذي كان يحصل في الجداول بإشراف شعبان.