| مرسال الترس |
تشير دراسات أنماط شعوب ما قبل التاريخ وبعده، إلى أن سكان مناطق منطقة “فينيقيا”، أو حيث أُنشئت مدينة جبيل الحالية وما يمتد اليها، كانوا يلعبون على تناقضات منطقتي الفراعنة في مصر، وبلاد ما بين النهرين (بين حوضي نهري الفرات ودجلة)، فكانوا يميلون بولائهم إلى هذه المنطقة أو تلك وفق ما تقتضيه قوة هذا الفريق أو ذاك.
لذلك يبدو أن الطبع قد غلب التطبّع، ولذلك بدا واضحاً في لبنان الحديث، أنه بعدما انكفأت بعض وجوه الطائفة السنية المؤثرة، عن حمل لواء المواجهة مع الطائفة الشيعية، التي رفعت منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي لواء محاربة العدو الاسرائيلي الذي لم يتخل يوماً عن فكرة تحويل المنطقة الشرق أوسطية بكاملها إلى مجموعات طائفية ومذهبية متناحرة فيما بينها لتخلو له السيطرة، سارع بعض متزعمي الموارنة، وفي طليعتهم حزبي “القوات اللبنانية” و “الكتائب”، إلى استدرج ما يكفي من العروض ليكونا رأس الحربة في هذا المشروع، وليحملا لواء مواجهة “الثنائي الشيعي” بكل ما أوتيا من “سلطان”.
وفي نموذج بسيط ومكرر، تابع المواطنون بسلاسة، كيف التهبت مواقع التواصل الاجتماعي، منذ اللحظة الأولى، إثر خطف منسق حزب “القوات اللبنانية” في قضاء جبيل باسكال سليمان، بتوجيه الإتهامات الحادة والناكئة للجراح إلى “حزب الله” بأنه هو الذي يقف وراء تلك العملية المجرمة. وعندما أظهرت المتابعات الأمنية الرسمية المجرمين الحقيقيين الذين يحملون الجنسية السورية، ويصنفون تحت تسمية “النازحين”، دفع العابرون السوريون على بعض الطرقات الثمن بالتنكيل.
على خط موازٍ، ظهرت منشورات مرمية في بعض مناطق كسروان وتتضمن العبارات التالية: “الـ1559 المنقوص كلفنا أرواحاً لكنه زادنا إيمانا وصمودا حتى تطبيقه كاملا. بدأنا بإخراج الجيش السوري ومستمرون بالمقاومة حتى طرد أذنابه تحت غطاء النزوح ونزع آخر خرطوشة من يد ميليشيا ولاية الفقية”!
فما هي الصلة التي تربط هذه الأحداث الأمنية التي قد تحدث في أية منطقة، ومع أي مواطن من أية طائفة، مع تلك الشعارات الكبيرة التي يلعب طارحوها ومروجوها دور “محامي الشيطان”، عن قصد أو عن غير قصد، إلاّ إذا كان طابخ السم هو نفسه الذي سيأكله، طالما أنه لم يبادر إلى إصدار أي بيان ينفي التبني لما يجري، كما حصل في أحداث يبغي من يقوم بها إشعال الفتن في البلاد تحت أية ذريعة كانت، أو عبر أي باب يستطيع الولوج منه؟