أزمة المصطلحات في العدوان على غزة: “شهداء”.. “قتلى”.. أم “ضحايا”؟

| ناديا الحلاق |

في وقت أثار المحلل العسكري رياض قهوجي عبر أحاديثه وتوصيفاته للمقاومة الفلسطينية، جدلاً كبيراً من خلال إطلالته عبر قناة “العربية”، ووصفه مقاومي “القسام” بـ “الدواعش”، ليعود ويعتذر بعدها، مؤكداً أن ما صدر عنه هو “زلة لسان”، إلا أن “زلّات اللسان” عديدة عند قهوجي في التعامل مع العدوان على غزة. لكن محطة “العربية” وقعت في كثير من الالتباسات في توصيف العدوان الصهيوني على غزة، وكان مراسلوها يعتذرون عن “زلات اللسان”، ما فسّره المؤيدون للمقاومة الفلسطينية أن الأمر يعبّر عن “مكنونات” و”موقف” و”استراتيجية” وليس “مجرّد خطأ.

ويعبّر مناصرو المقاومة في لبنان وفلسطين عن استياءهم من استخدام بعض الوسائل الإعلامية والقنوات التلفزيونية الفضائية، بصورة عامة، مصطلح “قتيل” بدلاً عن “شهيد”، و”مقاتل” بدلاً عن “مقاوم” في بث أخبارهم أثناء تغطية الحرب على غزة، معتبرين أن هذه الوسائل لا تقف إلى جانب مجتمعاتها بل ترمي عليها أحجاراً ثقالاً، الأمر الذي سبب جدلاً لدى الرأي العام حول اعتماد هذه المصطلحات.

أما المؤسسات الإعلامية اللبنانية، على اختلاف توجهاتها، فبدت متقاربة في تغطيتها مستجدات العدوان الاسرائيلي على غزة، واتمست بالتمييز وبمعايير الدقة والتوازن، فكانت على قلب رجل واحد، حيث فتحت منابرها لتأييد قضية لطالما وصفت بـ “قضية الأمة”.

ومن بين الوسائل الإعلامية التي تعتمد ضمن سياستها الإخبارية أو التحريرية مصطلحات “القتيل” والمقاتل، و”المسلح”، قنوات: العربية، BBC، الشرق الأوسط، وكالة رويترز، وكالة الصحافة الفرنسية وغيرها.

ويطرح هذا الموضوع علامات استفهام حول المصطلحات المستخدمة من قبل الجمهور لتوصيف الصراع. فعلى أي أساس تم اعتمادها؟ هل تستند إلى معايير علمية متقنة أم أنها مجرد استخدامات مرتبطة بالسياسية التحريرية للوسيلة، أو توجهات صاحب الوسيلة الاعلامية، أو أنها اعتمدت من باب الحياد الإعلامي؟

لكل وسيلة إعلامية مصطلحات خاصة تستخدمها في تغطية الحروب أو عند التعامل مع الأزمات، إذ لا يوجد تصنيف أو معيار موحد بين وسائل الإعلام المحلية والعالمية في هذا الخصوص.

ولم يكن الخلاف حول التسميات محتدماً قبل رواج بعض القنوات الفضائية، التي راحت تخلط التقنية العالية بالمهنية المزيفة بالتوجه السياسي للممول.

أما فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة، فإن بعض الوسائل الإعلامية تستخدم مصطلح “شهداء”، وهم فعلا ارتقوا شهداء من أطفال ونساء وكبار السن نتيجة الحرب التدميرية على غزة، فيما تستخدم وسائل أخرى مصطلح “قتلى” وهو تصنيف يعود للوسيلة الاعلامية أو للخلفية السياسية أو الحزبية التي تعمل ضمنها بصرف النظر عن كيفية تعاطي الجمهور مع هذا التصنيف، بحسب ما أكده الصحافي إبراهيم حيدر لموقع “الجريدة”.

ويشير حيدر إلى أن استخدام وسيلة إعلامية ما تسمية “قتلى” لا يعني أنها تقف بوجه “المقاومة” بل أنها تقف على طريق الحياد، ويعطي مثالاً عن وكالة الصحافة الفرنسية أو وكالة رويترز والتي لا تصنف بطبيعة عملها حركات معينة بـ “الإرهاب”، إنما تنشر البيانات الحكومية أو غيرها وفق لما يصلها والتي تستخدم مصطلحات الإرهاب انطلاقاً من موقف سياسي.

على الرغم من أن لكل وسيلة إعلامية مصطلحاتها الخاصة ولا يوجد “صواب” وخطأ” في تحديد التسميات إلا أنه في العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي ارتكب مجازر بحق الفلسطينيين، وسقط فيها آلاف الشهداء بصواريخ العدوان، فإن القاتل مجرم والقتيل شهيد.