| ميسم رزق |
بعد الولايات المتحدة الأميركية، جاء دور فرنسا لأداء دور «الناصِح» للبنان بمنع حزب الله من الانخراط في الحرب. لكن اجتماع مندوبيها مع الجهات اللبنانية ولّدَ انطباعاً بأن الموقف الفرنسي أسوأ من مواقف الدول الأخرى. و«شوفينية» الرئيس إيمانويل ماكرون التي لم يُخفِها يومَ حطَّ في بيروت بعد تفجير المرفأ في آب 2020، عادت وظهرت في كل ما قاله خلال زيارته كيان الاحتلال.
وقبل أيام، أكد الرئيس الفرنسي لعدد من الصحافيين أن «باريس بعثت رسائل بشكل مباشر إلى حزب الله لثنيه عن الدخول في النزاع بين إسرائيل وحركة حماس، كما أبلغنا ذلك إلى السلطات اللبنانية»، ورأى أن «حزب الله والنظام الإيراني ومن يهدّد إسرائيل عليهم عدم تشكيل خطر يخرج الجميع منه خاسرين في أيّ صراع». وهذا الكلام الفرنسي لا ينطوي على نقل امتعاض من التطورات في المنطقة أو خوف من انفلات الساحات والتحذير من ذلك وحسب، بل يتخطاه الى التهديد المباشر بالنيابة عن الإسرائيليين، وهو دور تبرّعت باريس له، بمعزل عن النتيجة.
في السنوات الثلاث الماضية، كان الجميع يعلم بأن إدارة باريس للملف الرئاسي كانت نتيجة الانشغال الأميركي عن لبنان والإهمال السعودي له. وقد بالغت باريس بـحجم «التفويض» المعطى لها، وصارت تتعامل مع الجميع كأنها تملك نفوذاً خاصاً على القوى السياسية في لبنان، وضمناً حزب الله. لكن فات فرنسا أن الأمور الآن صارت في مكان آخر، وهي ليست في موقع من يوجّه النصيحة. حتى إن فريقها الديبلوماسي والأمني أصيب بالخيبة، جراء عدم حصوله على إشارة أو جواب عن مئات الأسئلة المكررة ذاتها عما ينوي حزب الله فعله، وما هي الخطوط الحمر التي ستدفعه الى الدخول الكامل في الحرب.
وعليه، ارتسمت علامات الاستفهام حول موقع باريس في لبنان، وعما إذا كان حزب الله يراها «صديقة». والحزب يدرك كما الجميع أن السياسة الفرنسية تشهد تخبّطاً وارتجالية، الى الحدّ الذي يسمح للرئيس الفرنسي بالوقوف على منبر صهيوني والمطالبة بتشكيل تحالف دولي ضدّ «حماس» على صورة ذلك الذي أُنشئ ضدّ «داعش»، بشكل فاجأ الجميع وفي مقدّمهم الدوائر الديبلوماسية الفرنسية. ويرى الحزب كما الجميع أن ما يفعله ماكرون الآن يرتكز على أوهام عودة فرنسا الاستعمارية، تماماً كما فعل قبل سنوات من بيروت.