“الصندوق الأسود” بلا “حارس”.. ونائب يخوض معركة حماية “ورثة” سلامة!

| زينة أرزوني |

يبدو أن “الصندوق الأسود” الذي فُتح بعد سقوط رياض سلامة، سيكشف عاجلاً أم آجلاً، بالوثائق والأسماء، عن لوائح بأسماء الأشخاص الفاسدين الذين كانوا يتظلّلون بحمايته.

الفضائح الأولى التي تسربت رائحتها من هذا الصندوق، كانت صفقات تلزيم إشغال وإدارة واستثمار مطاعم وكافيتريات في مبنى الركاب في مطار بيروت الدولي، إضافة الى صفقة صالون الشرف، وصفقة تاكسي المطار، القاسم المشترك بين هذه الفضائح غير شبهات الفساد أن جميع الشركات القابضة على هذه الأمور هي شركات تابعة لـ “الميدل إيست”، والتي يملك مصرف لبنان 99% من أسهمها.

ورغم وضع شركة “نيفادا” الفائزة بمزايدة إدارة وتشغيل مطاعم ومقاهي مطار بيروت، الملف في عهدة ديوان المحاسبة، للتحقيق في المزايدة التي فازت بها، وللتحقيق أيضاً في الواقع الذي كان قائماً، وكيف كانت قيمة الالتزام 40 ألف دولار فقط سنوياً لتشغيل كلّ المقاهي والمطاعم في المطار، وتقدمها بإخبار أمام النيابة العامة الاستئنافية للتحقيق في الحملة التي استهدفتها على خلفية فوزها في المناقصة، إلا أن الحملة لا زالت مستمرة للعودة إلى الشركة السابقة، وهي ما أوحته جولة النائب إبراهيم منيمنة على المطاعم التي رست المزايدة عليها في المطار، موجهاً مجموعة من الأسئلة لوزارة الأشغال، بما يخص تلزيم الشركة، والتي أثارت حفيظة الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين استغربوا وانتقدوا بشدّة “الأسئلة غير البريئة” التي طرحها منيمنة، وكذلك تهرّبه عمداً من تسمية المطار بإسمه الرسمي “مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت”، وكأنه بذلك يريد إلغاء إسم الرئيس الشهيد رفيق الحريري عن المطار، وهو ما عرّضه لحملة عنيفة من جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

النائب منيمنة أثاره الرقم الذي قدمته الشركة الرابحة، وانطلاقاُ من ريبته تساءل كيف تفوز الشركة بعرض قدمته يبلغ حوالي 3.5 مليون دولار، وهو حوالي 4 أضعاف السعر الذي طرحته الشركة اللبنانية لتموين مطار بيروت “ش.م.ل.”، ولم تساوره الريبة طوال السنوات الماضية حول رقم الـ 40 ألف دولار التي كانت تقدمه الشركة “اللبنانية لتموين مطار بيروت -LBACC”، للدولة، وكيف أن هذه الشركة ظلت طوال السنوات الماضية تعرقل أي عملية تلزيم لشركات أخرى. والشعب اللبناني لا يحتاج إلى دلائل لمعرفة من كان يستبيح أموال الدولة، فالجميع يُدرك، على سبيل المثال، كيف أن عشرات النافذين والمستثمرين في الأملاك البحرية كانوا يدفعون للدولة ألف ليرة ثمن إشغال هذه الأملاك!

أسئلة منيمنة ظهر من خلالها وكأنه حريص على مصلحة شركة ضد شركة أخرى، علماً ان هذه الأسئلة يفترض أن يجيب عليها ديوان المحاسبة.

أما تصويب منيمنة على التعرفة المحددة في دفتر الشروط، واعتبارها أمراً خطيراً، حيث “أنها سمحت بالتسعير بضعف سعر السوق، على حساب الناس”، وسؤاله المحوري “لصالح من هذا التسعير؟ ومن يستفيد من الأرباح الطائلة الناتجة عنه؟”، فربما النائب منيمينة لم يطلع على عقد تلزيم الشركة السابقة، لأن هذا البند موجود في دفتر شروطها وكانت تطبقه.

النائب منيمينة حاول الايحاء من خلال تركيزه على الأرقام انه مع مصلحة الناس التي ستدفع أضعاف الأسعار في خارج المطار، حين قال: “هذا كله ولم نتحدث عن هامش ربح شركة نيفادا الذي يصل الى نسبة 65% من الشركات الملزمة من الباطن في المساحات، وهو هامش مرتفع، يجعل تلك الشركات تلجأ لتبرير رفعها أسعار سلعها، على حساب وافدي ومسافري المطار البالغ عددهم قرابة 6 ملايين راكب سنويا”، علماً ان جميع المسافرين يدركون أن الأسعار في كافة مطارات العالم أكثر بكثير من خارج المطار، وهنا أيضا بدا وكأنه لا تعنيه زيادة مداخيل الدولة من المطار بقدر ما هو مهتم بحماية مصالح شركة محددة.

وانطلاقاً من هذا، فقد فوجئ النائب منيمنة بردود فعل اللبنانيين على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تساءلت عن خلفيات هذه الاستماتة في الدفاع عن شركة على حساب شركة، طالما أن المستفيد الأول والأخير هنا هو خزينة الدولة اللبنانية وليست جيوب بعض النافذين؟ ألا يحق للدولة أن تستفيد أخيراً من عائدات مرافقها العامة، والتي لو كانت طوال السنوات السابقة تحصل على الاموال التي يتوجب ان تحصل عليها ليس كما كانت تُدار السمسرات والتلزيمات، لوجدت في هذه الخزينة ما “يُعينها” على أزمتها.